+A
A-

إقبال لافت على فعاليات اليوم الأول من أيام الشارقة التراثية ومعرض زايد محطة أساسية

انطلقت فعاليات الأول من النسخة السادسة عشرة لأيام الشارقة التراثية، مساء أمس الأحد، في قلب الشارقة، في ظل حضور جماهيري لافت من قبل الزوار وعشاق التراث الذين اعتادوا في أبريل كل عام أن يكونوا في قلب الشارقة، حيث العديد من الأنشطة والفعاليات والبرامج الثقافية والفكرية والأنشطة والمهن التراثية، ليتعرفوا من خلالها على مختلف عناصر ومكونات التراث في دول عربية وأجنبية عدة، حيث يشارك في نسخة هذا العام، التي تأتي تحت شعار: "بالتراث نسمو"، أكثر من 600 شخصاً من خبراء وباحثين وكتّاب وإعلاميين من أكثر من31 دولة من مختلف بلدان العالم، كما تشارك في فعاليات الأيام 38 فرقة، من بينها 20 فرقة محلية، و18 فرقة دولية، وفيها من الجديد الكثير، مثل معرض زايد، ومعارض أخرى.

وقال سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، رئيس اللجنة العليا المنظمة لأيام الشارقة التراثية، تمثل أيام الشارقة التراثية وجهاً حيوياً من وجوه التراث الثقافي الإماراتي، بما توفره من مناخ مناسب لجميع الزوار، وخبرات تمكنهم من استكشاف جماليات حياة الماضي عبر أنشطة متعددة تلبي تطلع الكثير من أبناء الإمارات نحو الحفاظ على العادات والتقاليد الأصيلة والموروث الشعبي الإماراتي، ويسعى المعهد من خلال الأيام إلى تعزيز فرص التواصل بين الأجيال، والتعرف إلى الموروث المادي والمعنوي، من أجل خلق جيل مرتكز في تطلعاته على الأصالة وعلى خبرات عريقة.

وأضاف: تعتبر أيام الشارقة التراثية التي انطلقت للمرة الأولى عام 2003، واحدة من أهم الأحداث والفعاليات والبرامج التي يديرها وينفذها معهد الشارقة للتراث، وقد وصلت اليوم إلى نسختها السادسة عشرة، وهي حدث سنوي يعقد في أبريل من كل عام، في مختلف مناطق إمارة الشارقة، في ظل دعم لا محدود من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة.

معرض زايد

أربعة معارض في أيام الشارقة التراثية، هي من بين الجديد والإضافة النوعية لنسخة هذا العام، معرض زايد، وهو المعرض الرئيسي، خصوصاً أن الأيام هذا العام تتزامن مع عام زايد، ومعرض "ماض وذكريات" من تراث السعودية والإمارات، للفنان التشكيلي عبد العزيز المبرزي، ومعرض "الكائنات الخرافية"، ومعرض "الفنون الجميلة". ويضم معرض زايد الذي خصصت له الأيام جناحاً مستقلاً، العديد من الصور والكتب التي توثق لحياة ومواقف وتاريخ المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس وباني دولة الاتحاد.

في رحلة بين الصور والتسجيلات الصوتية والبصرية في معرض زايد يستطيع الزائر التعرف على كثير من محطات وتاريخ الدولة، ودور ومكانة وجهود الشيخ زايد رحمه الله، فهذه الصور التي تم الحصول عليها من الأرشيف الوطني، تحكي قصصاً كثيرة عن مسيرة مؤسس الدولة، منذ بدايات حكمه في بدايات سبعينيات القرن الماضي حتى نهايات الثمانينات.

زيارات كثيرة تم توثيقها من خلال تلكك الصور، فها هو رحمه الله هنا في الأراضي الزراعية يتفقد أحوالها وأحوال القائمين عليها، وهناك محطة أخرى له في مناطق نائية يطمئن على شعبه وأهله، وهناك في جزيرة دلما، وصير بني ياس، وتلك تحكي عن أيام التخطيط لمشروع السد في العين، وغيرها الكثير، مثل زياراته للخارج. وكل تلك الصور وفقاً للقائمين على المعرض، تهدف إلى تعريف الزوار بالشيخ زايد رحمه الله، وإنجازاته، والتعرف على زايد الإنسان والوالد والباحث دوماً عن أفضل مكانة لشعبه وسكان الإمارات.

التشيك ضيف شرف الأيام

حلت جمهورية التشيك ضيف شرف النسخة السادسة عشرة من أيام الشارقة التراثية، تقديراً لما تمتلكه من مخزون ثقافي وتراثي غني ومتنوع، يشكل إضافة نوعية لمسيرة الأيام. ويعرض الجناح التشيكي تشكيلة من الفعاليات والأنشطة والبرامج الجاذبة والمميزة، يمكن من خلالها التعرف على التشيك، وما تمتلكه من فنون تشكيلية تراثية وتاريخية وعروض متنوعة من الفنون المعاصرة والتقليدية، ويشكل جناح التشيك فرصة لعشاق التراث وزوار الأيام لمتابعة برنامج المشاركة التشيكية الذي يتضمن العديد من العروض المسرحية والموسيقية والأدبية وورش العمل الفنية.

وتتنوع المعروضات في جناح التشيك، فهناك معرض الرسم والزجاج التشيكي، للفنانة كيسينيا هوفميستر، وجوزيف ليزلر، وفلاديمير سوجانيك، ومعرض الدمى التشيكية التقليدية وعروض الدمى اليومية، والمقهى الأدبي الذي يديره نادي القلم التشيكي، بحضور رئيس النادي، الشاعر ييرجي ديديتشيك، ويركز على الأدب التشيكي عموماً وأعمال فاتسلاف هافل خصوصاً، بالإضافة إلى عرض صور ومشاهد من جمهورية التشيك. كما سيكون الجمهور وزوار الأيام على موعد يومي مع تشكيلة من مأكولات المطبخ التشيكي العريق، مع الشيف توماس يريش ومساعديه.

ووفقاً للمنسق العام للجناح التشيكي، رشيد خليل، فإن مشاركة جمهورية التشيك في أيام الشارقة التراثية، مميزة ولافتة، خصوصاً ان فيها زهرة من كل بستان، فجولة يومية في المطبخ التشيكي يمكن للزائر التعرف على بعض الحلويات التقليدية العريقة مثل التردنليك، والبسكويت التقليدي، أو سلطة الملفوف، وغيرها. كما يضم الجناح التشكيلي نماذج وصور عن لعبة الهوكي الشهيرة، بالإضافة إلى الميدالية الذهبية التي حصلت التشيك عليها عام 1998.

البيئة الزراعية

دوماً البيئة الزراعية حاضرة في أيام الشارقة التراثية مع بقية البيئات الإماراتية، وهي محطة أساسية في الأيام، وتشهد إقبالاً كبيراً من زوار الأيام، الذي يطرحون أسئلة عديدة على القائمين على تلك البيئة بما فيها من تنوع هائل، فالزراعة تعتبر واحدة من أعظم الثورات عبر التاريخ نظراً لما حققته من إنجازات ونقلات نوعية كبرى في حياة البشرية جمعاء.

إن الزراعة واحدة من أهم البيئات الإماراتية، وقد عرفها الإنسان الإماراتي منذ القدم، في عدة مناطق، مثل رأس الخيمة، والفجيرة، والعين، والشارقة، وبعض الواحات، وغيرها. وما يتم عرضه وتقديمه في أيام الشارقة التراثية، هو تلك الأنماط الزراعية والبيئة الزراعية التقليدية والقديمة، بالإضافة إلى ما وصلت إليه اليوم، وما تنتجه أرض الإمارات من خيرات وثمرات وحبوب وخضار وفواكه، ومحاصيل متنوعة، وما كان يستخدم من أدوات، وما كان ينتجه أهل الأرض والزراعة، وكيفية الزراعة والأدوات المستخدمة في العملية الزراعية، حيث يشرح القائمون والمشاركون في البيئة الزراعية، للزوار الكثير من التفاصيل، وقد أصبح كثير من الزوار يعرف طبيعة البيئة الزراعية في الإمارات.

وما يميز البيئة الزراعية في نسخة هذا العام، هو تلك الأعمال والصناعات التي تقدمها النساء اللاتي قدمن من رأس الخيمة، ليقدمن للزوار ورشاً تعريفية حول السفافة، حيث تعتبر صناعة السفافة واحدة من الصناعات التقليدية المنتشرة في الإمارات، والتي احترفتها المواطنات، حيث طوعت المرأة الإماراتية خوص النخيل لتلبي احتياجاتها اليومية، فصنعت السلال والمراوح اليدوية، "المهفة"، التي تعتبر مروحة للتهوية ولترطيب الجو، أما المشب،  فهو قرص دائري الشكل صغير الحجم ويستخدم في شب النار، لإشعالها لتحضير الأطعمة، بينما تستخدم الضميدة، لحفظ التمر، وهي عبارة عن جورب صغير مصنوع من سعف النخيل. وصناعة البثيثة، ودق الحناء وطحنه، وغيرها. وكذلك هو الحال مع الرجال الذين قدموا من المنطقة الشرقية ليعرضوا بعض الحرف والمنتجات التي ترتبط بالزراعة.

18 جهة حكومية

ضمن فعاليات أيام الشارقة التراثية في دورتها السادسة عشر، تشارك 18 جهة حكومية من يومها الأول وحتى اليوم الأخير الذي يوافق 21 أبريل الجاري، حيث تسعى الدوائر المشاركة إلى عرض أنشطتها وفعالياتها وبرامجها المتنوعة التي تجذب جمهور وزوار وعشاق التراث على امتداد ساحات أيام الشارقة التراثية، في أجنحة خاصة بها تنقل الزائر فيها بكل سهولة للتعرف على ما تقدمه عن طريق سؤاله لأحد المتواجدين في موقع أو منصة أي جهة مشاركة لزيادة معارفه، ومن أجل متابعة ما يستهويه من تلك الأنشطة والبرامج والفعاليات.

ومن الجهات المشاركة في الأيام التراثية هيئة البيئة والمحميات الطبيعية التي يحظى جناحها بتوفير نماذج عن منتجات الأشجار والنباتات والمزروعات في الحديقة الإسلامية الواقعة ضمن منتزه الصحراء والتي رأت النور عام ٢٠١٤، بمناسبة الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية وتتنوع نباتات وأشجار الحديقة، وفقاً لتلك النباتات المذكورة في القرآن الكريم. 

وتقدم الهيئة مختلف المعلومات التي تتعلق بالحديقة الإسلامية للزوار الذين يتواصلون مع جناح الهيئة، كما تقدم لهم معلومات توعوية عن البيئة وأهميتها وكيفية المساهمة في صَونها وتعرفهم بدور وجهود الهيئة وتحرص الهيئة على المشاركة في الفعاليات كما هو حالها في الدورات السابقة، بالإضافة إلى بذور الغاف. وتقوم الهيئة بتوزيع مجموعة من المنشورات والكتب التعريفية عمّا تحتويه الشارقة من محميات ومعالم طبيعية وبيئية وغيرها من الخدمات التي تقدمها الهيئة للزوار لزيادة معرفتهم بأهم مقتنيات الشارقة من النباتات والحيوانات الفريدة على مستوى المنطقة.

كما تشارك في الأيام التراثية طوال أيامها ولأول مرة نادي الشارقة للصقارين الذي يعرض خدماته التي يقدمها للصقارين، وكل ما يتعلق بصيادة الصقور، بالإضافة إلى تنمية مهارات الشباب وتشجيعهم على مهنة صيد الصقور.

فيما تعرض دائرة الأوقاف العامة بالشارقة من خلال منصتها خدماته المخصصة للوقف الخيري، والتشجيع على العمل الخيري الدائم من خلال الصدقة الجارية، إضافة إلى توزيع المنشورات الخاصة بالأدعية والتوعية الدينية بمختلف مناحي الحياة، فضلاً عن مشاركة جمعية الشارقة الخيرية من خلال جناحها بعرض تفصيلي عن التبرعات التي تقدمها لجميع الفئات المجتمعية، ونشر ثقافة عمل الخير بين الزوار.

وتشارك دائرة الخدمات الإنسانية بمركز للتطوع لعرض الفرص التطوعية في مختلف مناطق إمارة الشارقة، وأهم المبادرات التي تقدمها لخدمة المجتمع بالإمارة لعام 2018، بالإضافة إلى مشاركة مفوضية مرشدات الشارقة، وهيئة الشارقة للكتاب، ومؤسسة التمكين الاجتماعي بعدد من الأنشطة المتنوعة التي تستهدف مختلف الفئات المجتمعية.

من جهة أخرى تشارك الإدارة العامة للمؤسسة العقابية والإصلاحية في وزارة الداخلية بأربع مشاركات، وهي إدارة دبي وعجمان والشارقة ورأس الخيمة وأبو ظبي، من خلال عرض منتجات نزلاء المؤسسة أمام الزوار، والبرامج التأهيلية التي تقوم بها لتأهيل النزلاء.

وفي أجنحة مختلفة تشارك شؤون الضواحي والقرى بعريشين تراثيين، الأول يتضمن ركن للتصوير والمسرح والهدايا المتنوعة، والأظرف والطوابع القديمة ومتحف أبو صابر وركن للتحف والحرف اليدوية بالتعاون مع نادي الثقة للمعاقين، ودكان الطيبين والحنة، بينما العريش الثاني يحتوي على ركن للرسم على الوجه وعروض لأضواء غير منسية وبيت العروس وركن الضيافة.

كما تشارك كل من جمعية الشارقة التعاونية وجمعية بيت الخير ومؤسسة خليفة بن زايد الإنسانية وهيئة كهرباء ومياه الشارقة، بمجموعة من الأنشطة والبرامج المتنوعة التي تحتوي على قيم معرفية وخيرية تفيد جميع زوار أيام الشارقة التراثية.

مقهى ثقافي يناقش "الطفل والتراث"

أوصت الجلسة التي حملت عنوان "التراث والطفل" ضمن فعاليات المقهى الثقافي في أيام الشارقة التراثية بدورتها السادسة عشر، بضرورة كتابة التراث بلغة سلسلة وسليمة حتى تصل إلى الأطفال بصورة مميزة لزيادة فهمهم ومعارفهم التراثية، والتعرف على تراث بلدانهم بأساليب بسيطة، إضافة إلى عمل ورش تدريبية في التراث مخصصة للأطفال لترسيخ مفاهيم التراث في نفوسهم، فضلاً عن أهمية توظيف التراث في كافة وسائل الإعلام لتعزيز الهوية الوطنية.

وقال الدكتور محمد يوسف الأكاديمي في جامعة الشارقة خلال الجلسة التي حاوره فيها الكاتب والفنان عبد العظيم الضامن إن الطفل يعد الشحنة المستقبلية للبدان، وتعتبر الإمارات من أوائل الدول التي أصدرت قوانين لحمايته وضمان حقوقه لصناعة مستقبله، لافتاً إلى الأهمية التي أولها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة للطفل في الإمارة عن طريق حفظ حقوقه والتوجيه بإنشاء مؤسسات تعنى بالطفولة ورسالة سموه الواضحة التي تهتم بالطفل.

وأضاف: إن الطفل تحول إلى مصيدة سهلة لوسائل الإعلام والتطور الرقمي،مما جعل الطفل يفقد ثقافته وينسى التراث والعادات والتقاليد في وطنه، مؤكداً على أهمية الأهل والأسر في توجيه الأطفال وتوعيتهم وإرشادهم في أهمية اتباع أسلوب معرفي يحفظ لهم تراثهم وعاداتهم، لتعزيز الهوية الوطنية والتراثية في نفوسهم عن طريق تنشئتهم تنشئة جيدة، وزراعة حب التراث في قلوبهم.

وبين الدكتور يوسف أن على المجتمعات حالياً إدراك أهمية الطفل في تعزيز الهوية الوطنية من خلال التمسك بالتراث وجعله لغة في الحياة اليومية وتوظيف جميع الأدوات التي تضمن ذلك، مبيناً أن الجيل الحالي يفتقد للكثير من المعلومات حول تاريخ الأجداد والأسلاف القدامى، ما يجعلنا أمام تحديات كثيرة في المستقبل لحفظ التراث، الأمر الذي يحتاج في الوقت الراهن بذل جهود أكبر لتعزيز التراث في نفوس الأطفال عبر ابتكار أشياء جديدة تحاكي التطورات الموجودة في العالم، وتحاكي سلوكهم وتصرفاتهم، وتتناسب مع متطلباتهم.

وأشار إلى أن مفهوم التراث واسع، كونه أساس التواصل مع الشعوب والأجيال الحالية والمستقبلية، وما خلفه القدامى من تاريخ عريق، إضافة إلى أن التراث يعتبر أساس الحضارة لكل أمة، الأمر الذي يجعلنا نعمل على استخدام التراث في جميع المناحي الحياتية للطفل لضمان نقله من جيل لأخر، ومنعه من الاندثار.