+A
A-

للمرة الثانية .. “محكمة الاستئناف” تؤيّد إعدام المتهمين بقتل “طارق الشحي”

أجمع كل من رئيس محكمة الاستئناف العليا الجنائية السادسة القاضي إبراهيم الزايد وأعضاؤها كل من القاضيين يوسف علي وصلاح الدين وبحضور أمين السر يوسف بوحردان، آرائهم، على تأييد حكم الإعدام الصادر على ثلاثة من المُدانين بواقعة قتل الضابط الإماراتي طارق الشحي وشرطيَين آخرين بالقرب من منطقة الديه وإصابة 13 شرطيًّا آخرِين.

كما حكمت بتأييد معاقبة خمسة مستأنفِين من أصل 7 آخرين؛ وذلك بالسجن المؤبد عما نسب إليهم من اتهامات بإحداث تفجير وتشكيل جماعة إرهابية تابعة لتنظيم (سرايا الأشتر) والانضمام إليها، فضلاً عن إسقاط الجنسية البحرينية عن جميع المستأنفين المسقطة جنسياتهم وعددهم ثمانية، وكذلك بإلزامهم بدفع مبلغ 929 دينارًا و691 فلسًا بالتضامن، باعتبارها قيمة التلفيات التي تسببوا بها، وأمرت بمصادرة المضبوطات.

يشار إلى أن محكمة التمييز نقضت في شهر أكتوبر الماضي، الحكم أعلاه، وأمرت بإعادة القضية للمحكمة الاستئنافية لتحكم فيها من جديد، تأسيسًا على أن الحكم المستأنف انتهى إلى القضاء بتأييد الحكم المستأنف، وخلا منطوقه مما يفيد صدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة التي أصدرته، كما خلا محضر الجلسة من إثبات صدور الحكم بالإجماع، رغم أن الشارع ربط بين مبدأ الإجماع وصدور الحكم بالإعدام فأصبح الحكم مشروطًا باستيفاء ذلك الإجراء.

وكان قد صرح رئيس نيابة الجرائم الإرهابية المحامي العام أحمد الحمادي بأن المحكمة الاستئنافية العليا الأولى قد أصدرت حكمها في القضية الخاصة باستهداف قوات الشرطة بالمنطقة الشمالية يوم 3/3/2014 بعبوة متفجرة، مما نجم عنه مقتل شهداء الشرطة الثلاثة الملازم أول طارق محمد الشحي والشرطيين محمد رسلان وعمار عبدو علي محمد، بتأييد الحكم المستأنف بإعدام المتهمين الثاني والثالث والرابع والسجن المؤبد للمتهم الأول ومن الخامس حتى العاشر، وإسقاط الجنسية عن المتهمين من الأول حتى الثامن وإلزام جميع المتهمين بالتضامن بدفع قيمة التلفيات الناشئة عن الواقعة وبمصادرة المضبوطات.

وترجع وقائع القضية إلى قيام المتهمين بوضع عبوات متفجرة بالطريق العام قابلة للتفجير عن بُعد، وتمكنهم من استدراج قوات الشرطة إلى مكان الواقعة بافتعال أعمال شغب استدعت تدخل القوات، التي ما إن بلغت مكان العبوات المتفجرة حتى قام المتهمون بتفجير إحداها، مما ترتّب عليه وفاة المجني عليهم من القوات وإصابة 13 آخرين.

وقد أسفرت التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة آنذاك عن قيام المتهمين الأول والثاني بتشكيل جماعة إرهابية ضمن تنظيم ما يسمى (سرايا الأشتر) الإرهابي، ونجحا في تجنيد المتهمين الآخرين وغيرهم ممن توافرت لديهم الخبرة في صناعة واستعمال المتفجرات وأعمال الشغب؛ بهدف تكوين عدة مجموعات للقيام بأعمال إرهابية تستهدف قتل رجال الشرطة، وتدمير المنشآت المهمة الأمنية والحيوية للإخلال بالنظام العام ومنع السلطات من ممارسة عملها.

وقاموا بتصنيع العديد من العبوات المتفجرة، وعقدوا عدة اجتماعات تمكنوا خلالها من وضع مخطط إجرامي تحقيقًا لأهدافهم وأغراض الجماعة.

وفي إطار ذلك المخطط الإرهابي فقد اتفقوا على استغلال تشييع جنازة أحد المتوفين حيث يعلمون بوجود قوات الشرطة آنذاك على مقربة من المكان لحفظ النظام، ووضع عبوات متفجرة مزودة بأجهزة تفجير عن بعد في أماكن متفرقة حيث يعلمون تجمع القوات بها، والعمل على استدراج تلك القوات لأماكن وجود العبوات المتفجرة؛ بهدف إيقاع أكبر عدد من القتلى بين صفوفهم.

فقام المتهمون في الليلة السابقة على ارتكاب جريمتهم بزرع 3 عبوات متفجرة بالطريق وأوكل للمتهم الرابع بتفجير العبوة الأولى، والتي أودت بحياة الشهداء الثلاثة.

بينما كلّف آخرون هاربون من أعضاء الجماعة بتفجير العبوتين الثانية والثالثة تحت إشراف المتهم الثالث على أن يتولى المتهم الخامس تصوير التفجير وباقي المتهمين مراقبة المكان.

وبتاريخ 3/3/2014 ونفاذًا لمخططهم الإجرامي قاموا بافتعال أعمال شغب لاستدراج القوات إلى المكان، حيث قام المتهم الرابع باتخاذ مكانه أعلى أحد العقارات.

وفور وصول القوات إلى مكان إحدى العبوات المتفجرة قام بتفجيرها باستخدام هاتف نقال مما أدى إلى مقتل 3 من أفراد الأمن وإصابة 13 آخرين، في حين لم يتمكنوا من تفجير العبوتين الأخريين لتأثر الثانية بالانفجار وعدم اقتراب أحد من القوات من مكان الثالثة.

هذا، وقد أحالت النيابة المتهمين إلى المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة منهم خمسة محبوسون احتياطيًا وثلاثة هاربون، حيث قضت بحكمها سالف الذكر، وذلك بتهم القيام بتنظيم وإدارة جماعة الغرض منها تعطيل أحكام الدستور ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة عملها متخذين من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضها، وتجنيد عناصر لها ومتابعة أنشطتهم في تصنيع واستعمال العبوات المتفجرة واستهداف أفراد الشرطة بقصد إزهاق أرواحهم بغرض إشاعة الفوضى وإثارة الفتن وإضعاف مؤسسات الدولة لإسقاطها.

كما نسبت للمتهمين من الثالث حتى الثامن الانضمام إلى تلك الجماعة الإرهابية، وقد وقعت منهم والمتهم الثاني تنفيذًا لأنشطتهم وأغراضهم الإرهابية جرائم قتل والشروع في قتل المجني عليهم من أفراد الشرطة، وإتلاف الممتلكات العامة، وحيازة وإحراز واستعمال مفرقعات.

وقد ارتكبت كل الجرائم تنفيذًا لغرض إرهابي، فضلاً عن تمويل جماعة إرهابية للإنفاق على أنشطتها الإرهابية.

وتداولت القضية بجلساتها أمام المحكمة الجنائية واستجابت المحكمة خلالها لطلبات الدفاع عن المتهمين واستمعت لمرافعاتهم ومكنتهم من توجيه كافة أوجه دفاعهم ودفوعهم.

كما استمعت لمرافعة النيابة العامة التي طلبت في ختامها توقيع أقصى عقوبة على المتهمين وهي الإعدام، إلى أن أصدرت المحكمة حكمها سالف البيان بإدانة المتهمين ومعاقبتهم.

واستندت المحكمة في حكمها ذاك إلى ما قدمته النيابة العامة من أدلة قاطعة على ارتكاب المتهمين الجرائم المسندة إليهم، ومن بينها شهادة الشهود وضبط أدوات ومواد مما تستخدم في تصنيع المتفجرات بحوزة بعض المتهمين وما تم رصده في هاتف أحد المتهمين من وجود اتصالات فيما بين بعض المتهمين في يوم الواقعة، وكذلك الأيام السابقة عليها من خلال برنامج اتصال خاص وقد تعلقت محادثاتهم برصد تحركات الشرطة واستهدافهم. وكذلك، ثبت من التقارير الفنية من العثور على آثار خلايا بشرية لأحد المتهمين على إحدى العبوات المتفجرة التي زرعت في مكان ارتكاب الجريمة والتي تم إبطال مفعولها.

ونوّه المحامي العام إلى عدم قابلية هذا الحكم للتنفيذ إلا بعد عرضه على محكمة التمييز سواء طعن المحكوم عليهم أم لم يطعنوا، لمراجعته من الناحية القانونية ومدى توافر ضمانات الدفاع لهم، وإقراره وتأييده ليكون قابلاً للنفاذ، أو نقضه وإعادة محاكمتهم إذا ما رأت محكمة التمييز ذلك.