+A
A-

تصدع في الجبهة الأوروبية المناوئة للنفوذ الروسي

 تناولت مجلة “ذي إيكونوميست” التحولات السياسية في الجمهورية الفرنسية ممثلة في نتائج الانتخابات الأولية تمهيداً لاختيار رئيس جديد، واجتهدت المجلة، في عددها الأخير، في إبراز أثر هذه التحولات على المواقف الأوروبية المناوئة لنفوذ الدب الروسي.  واستهلت المجلة البريطانية تقريرها بأن واقع التحولات العالمية الأخيرة تدفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتساؤل عن مدى صواب مواقفة ابتداء من تفاقم أزمة اللاجئين وانتهاءً بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وأشارت إلى أن متاعب أوروبا ومشكلاتها سمحت للرئيس الروسي بتصوير نفسه بأنه “حصن” للاستقرار في المنطقة. 

 وأردفت: بعد أن أفرزت الانتخابات الأميركية رئيسًا متعاطفًا مع الكرملين، في إشارة إلى مواقف الرئيس دونالد ترامب، ها هي الانتخابات الفرنسية تسير نحو الطريق ذاته. 

وقالت: إن فوز فرانسوا فيون في الانتخابات الرئاسية التمهيدية لحزب يمين الوسط بفرنسا، شكل دعما جديداً وصريحًا للرئيس بوتين في قلب أوروبا، فاستطلاعات الرأي تشير إلى أن فيون هو الأقرب إلى دخول قصر الإليزيه بعد الانتخابات المقررة الربيع المقبل. وتابعت: وإن لم يفَز فيون، الذي ينتمي إلى تيار يمين الوسط، وحصلت ماري لوبان، التي تمثل اليمين المتطرف، على أعلى أصوات، فستظهر فهي الأخرى ميلاً أكبر نحو موسكو. 

وأكدت المجلة أن ميول مرشح الرئاسة فرانسوا فيون باتجاه روسيا ناتج عن قناعة، وليست مجرد مواقف صادرة من باب الموائمة مع الأحداث.

ولفتت إلى ما طرحه فيون في مناظرة جرت قبل أيام، عندما قارن بين ضم روسيا لشبه جزيرة القرم وبين إعلان كوسفو الاستقلال عن صربيا، وهي ذاتها الفكرة المطروحة من قبل الكرملين.  وأردفت: إن فيون أيضاً يرى أن توسيع حلف شمال الأطلسي ليقترب من الحدود الروسية والذي جرى في بدايات التسعينيات، كان شكلاً من أشكال الاستفزاز، الذي يستدعي مواقف سلبية بالنتيجة. 

وتطرقت المجلة إلى أن أكثر ما قد يزعج ألمانيا، القطب الرئيس في الاتحاد الأوربي، هو رغبة مرشح الرئاسة فيون في إلغاء العقوبات الاقتصادية الأوروبية المفروضة على روسيا بشأن شبه جزيرة القرم وتوغلها في شرق أوكرانيا.  وذكَرت بأن الآراء منقسمة داخل الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بآلية التعاطي مع روسيا، فهنالك دول تتبنى مواقف متشددة، مثل دول البلطيق (إستونيا ولاتفيا ولتوانيا) وكذلك وبولندا، وهنالك دول تنتهج مواقف أقل حزما كإيطاليا والمجر.  واستطردت: لغاية الآن، تقود المستشارة الألمانية أنجليا مريكل دفة الاتحاد باتجاه أقسى المواقف والإجراءات الممكنة إزاء الروس، ولكن الاجماع على هذا المنوال سيكون أصعب إذا ما اتخذت فرنسا موقفاً مخالفاً. 

وأكدت أن ما زاد المشهد تعقيداً هو انتخاب دونالد ترامب، وكما يقول مسؤول الألماني بارز، فإن الرئيس الأميركي المنتخب لديه مجموعة من “العواطف وردود الفعل، وليس سياسة خارجية”. 

واختتمت المجلة مقالها بالإشارة إلى أن فرانسوا فيون، المرشح لأن يكون رئيس فرنس المقبل، لن يرجح كفة موسكو على برلين، وسيكرس طاقته لبناء وإصلاح الجمهورية، لكن وجود فيون في قصر الإليزيه سيحد من قدرة أوروبا على مواجهة تقلبات ونزوات بوتين في العالم.