العدد 2967
الإثنين 28 نوفمبر 2016
banner
التنامي أم التنمية؟!
الإثنين 28 نوفمبر 2016

مجلس النواب يذهب هذه المرة إلى الحد من ساعات عمل المحلات التجارية في الأيام الاعتيادية، وإمكانية مدّ هذه الساعات في العطل الأسبوعية والرسمية والمناسبات. ومن بين ما دعّم به هذا التوجه بث السكينة في المناطق السكنية، وعدم إقلاق راحة المواطنين (بمعنى أن على غير المواطنين البحث عن أقرب جدار ليخبطوا رؤوسهم فيه)، والحفاظ على الطاقة الكهربية.

الكلمات الأربع الأخيرة الماضية، بقيت مثار جدل بين الذاهبين بكل قواهم إلى التنمية بأشكالها المادية، والذاهبين إلى البيئة والتراث والتنوع البيولوجي. ففي تجربتنا المحلية، كان متخذو القرار بين أن يعمّقوا ميناء سلمان لترسو فيه السفن الضخمة (نوعاً ما) عملاً بتنشيط التجارة واللحاق بالحراك القوي الذي انتهجته الدول القريبة، أو الإبقاء على المجاري الصخرية تحت سطح البحر والتي تجلب المياه العذبة على مدى آلاف السنين من خزان الدمام إلى البحرين، فتفجّرت فيها العيون والينابيع والكواكب، واكتسبت البلاد اسمها وصيتها من هذين البحرين العذب الفرات، والمالح الأجاج... في النهاية، انتصرت إرادة النمو على التنمية، وتدهورت عذاري، وكذلك عشرات العيون والكواكب حتى جفت تماماً أو تكاد، وعلى المتضرر اللجوء إلى المحارم الورقية.

هو ما حدث لبحر أبوغزال، أكبر مراتع الروبيان عربياً الذي تحول إلى منطقة مدفونة لإقامة محطة المياه المعالجة، وهكذا حدث لأغلب السواحل حتى يتمدد العمران وتتسامق البنايات، ولا علاج للجانب البيئي وهو – ومن يناصره – الجانب الأضعف في المعادلة، الأمر نفسه ينطبق على الطاقة الكهربية التي ستحتاج إلى المزيد من الغاز لتوليدها، وهو عنصر عزيز محلياً، وفي توليدها إطلاق لأطنان إضافية من الغازات الضارة؛ أو التخلف بما لا يقاس بالنسبة للأسواق النشطة المحيطة بنا في المسألة التجارية، حتى لا تغدو العاصمة مدينة دجاج تنام مع غياب الشمس... أيهما الغالب؟

في التعريف البسيط للتنمية المستدامة، وهي واحدة من «الكلاشيهات» التي لا يخلو منها خطاب في مطالع المؤتمرات، سواء كانت لها علاقة أم لا؛ فهي «عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات وكذلك الأعمال التجارية بشرط أن تلبي احتياجات الحاضر من دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها»، وهي مسألة في غاية الدقة، وعلى الدول إن أرادت تطبيق هذه الموازنة ألا تنجرف وراء الإغراء بالمنافسة إن هي أرادت التنمية المستدامة قولاً وفعلاً.

نحن أمام قلق متزايد على ما سيتبقى لمن سيأتي بعدنا من موارد طبيعية، وبيئة عفيّة وصالحة للعيش، وقدرات بشرية، ومساحة تسع الآتين من دون الاستسهال بردم الجبّار الصامت كحلّ ترقيعي للمسألة الإسكانية، وليس الدفن أيضاً من أجل إقامة عمارات زجاجية من قبل من يملكون الأموال، ليسكن فيها من يملكون الأموال، بينما الداخل يتلظى ويخسر أصالته المتوازنة أمام رزم أموال المستثمرين الذين لا يهمهم تاريخ ولا تراث المنطقة.. فماذا نحن فاعلون؟!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .