العدد 2883
الإثنين 05 سبتمبر 2016
banner
هل نحن مقاومون؟
الإثنين 05 سبتمبر 2016

كلمة مقاومة ربما أخذت معناها السياسي مؤخرا من عملية منع العدو الصهويني من تحقيق ما يريد من أهداف عجز مسبقا عن تحقيقها والوصول إليها بقوة السلاح، والمقاومة لا تعني فقط الحرب والقتال بالسلاح، وإن كان ذلك أهم معانيها في وقتنا الراهن، ولكنها في نفس الوقت تعني محاصرة عدونا الأول - ونعني “الصهيونية” - من المضي في ما يريد وسرقة ما تبقى من الأرض كخطوة لاستعادة ما تمت سرقته منها مسبقا.
المقاطعة التي كانت موجودة في السابق من أنواع المقاومة، حين نحاول من خلالها محاصرة عدونا اقتصاديا وسياسيا، هذه المقاطعة دفعت الكثير من الشركات والمؤسسات الكبرى إلى التحايل قدر المستطاع وإخفاء تعاملها مع العدو أو التوقف عن التعامل معه في رضوخ واضح للإرادة العربية في المقاومة، وهي التي أدت بالعدو إلى خسائر لا يستطيع العيش معها لولا الدعم اللامحدود من الجانب الأميركي، لذلك كان رفع تلك المقاطعة أحد أهم مطالب العدو في مباحثاته مع المطبعين في وطننا العربي، وتم الرضوخ لهذا الطلب أخيرا ورفعت المقاطعة عنه رسميا، وبالتالي حذفت قضية المقاطعة من قاموس السياسة الرسمية العربية وانتفى بذلك ركن مهم من أركان المقاومة.
محاصرة العدو في جميع المحافل الدولية السياسية والثقافية والإنسانية بل وحتى الرياضية هي الأخرى من أنواع المقاومة، وهي التي دفعت العدو للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في المجال الرياضي بعد منعه من الانضمام للاتحاد الآسيوي رضوخا للإرادة العربية (في ذلك الوقت)، ولكن هذا النوع من المقاومة في طريقه هو الآخر للضمور والانتفاء بعد التقارب الرسمي العربي مع هذا العدو، ثم تخلخل الموقف العربي المقاوم.
المجهود الحربي الذي كنا نسمع عنه سابقا والذي يسخر الموارد والإمكانيات لحشد القوى لمقاومة العدو الصهيوني تحول بقدرة قادر إلى تنمية محلية وتفضيل الذات على الأمة، مع أنه قول حق يراد به باطل ولم نر تنمية ولا تطورا، ونسي الجميع الرسمي والشعبي هذا المفهوم أو تقوية المجهود الحربي بعد أن سكتت المدافع وربضت الطائرات في حضائرها وتحولت الجيوش لمحاربة بعضها وهدم مجالات التنمية التي تحدثوا عنها لوأد مفهوم المقاومة.
هذا ربما في الجانب الرسمي العربي، ولكن للأسف الشديد نرى نفس التوجه في الكثير من القطاعات الشعبية بعد تغلغل التنظيمات وهيمنتها في بعض الأقطار على التوجه الشعبي ونسيت هذه التنظيمات والتوجهات مقاومة العدو وتوجهت لمقاومة بعضها متجاهلة وجود عدو يفوق في عدائه جميع ما هو موجود من تناقضات في الداخل، فهل بقي شيء من مفهوم المقاومة، ربما نراه في لقاء آخر بعون الله.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .