العدد 2881
السبت 03 سبتمبر 2016
banner
أين تقع المقاومة في القاموس؟
السبت 03 سبتمبر 2016

مفهوم المقاومة أصبح مطاطا كما الحال بالنسبة لمفهوم كلمة الإرهاب، كل من يشاء يستخدم الكلمتين بالطريقة التي تخدم أهدافه مع أنه لا يوجد إرهاب في الحالة الثانية ولا مقاومة في الحالة الأولى، والخاسر في الحالتين هو الإنسان عديم القيمة أو فاقدها، أميركا دمرت أفغانستان والعراق واليبيا وهي تدمر سوريا حاليا تحت ذريعة مقاومة الإرهاب الذي تمت صناعته منذ البداية على يد مخابراتها، وهذا ليس قولا مرسلا ولكنه باعتراف الكثير من ساستها منذ زمن، ثم بعملياتها المدمرة لتدمير الإرهاب خلقت إرهابا آخر تعاني منه دولنا قبل غيرها.
أما كلمة “مقاومة” فتم استخدامها طويلا لوأد حرية الإنسان تحت ذريعة أولوية المقاومة على كل شيء، فلا حرية فردية ولا ديمقراطية في الكثير من الدول كونها قد تعيق المقاومة وتؤخر تحرير ما تم اغتصابه من الأرض العربية، وهو ما حدا بالإنسان العربي للخروج إلى الشارع بعد أن فاض به الكيل ووجد أن الشارع خير وسيلة لاستعادة قيمته المفقودة.
تحت ذريعة المقاومة تخلف لبنان الذي كان واحة الديمقراطية في الوطن العربي ووصل به الحال إلى الضياع الدستوري بمنع وجود رئيس للدولة، وبسبب المقاومة تحول لبنان إلى ساحة للمعارك والتقاتل الشعبي وتكديس السلاح خارج سلطة الدولة إلى الدرجة التي ضاعت فيها سلطة الدولة وأصبحت تأتمر بأمر السلاح المنتشر لدى المليشيات المختلفة.
وتحت ذريعة المقاومة تحالف النظام في سوريا، والذي ادعى طويلا علمانيته، مع نظام ثيوقراطي في إيران ونظام طائفي في العراق وفتح الباب على مصراعيه لدخول مختلف المليشيات من توجهات متباينة لتقاتل وتتقاتل على الأرض العربية السورية حتى ضاعت الدولة السورية هي الأخرى وتحولت إلى فسيفساء لا معنى لها ولا سلطة فيها إلا للسلاح المنتشر أكثر من انتشار الماء والغذاء للمواطن السوري.
وأخيرا نسمع أنه تحت ذريعة كلمة المقاومة يتم تهجير الإنسان الطبيعي المسالم من أرضه كما حدث في داريا ومعظمية الشام السوريتين كسبيل لتغييرها طائفيا في تحويل غريب لهوية الأرض العربية السورية، وهذا يجري بيد النظام وحلفائه، وكذلك بيد مقاتليه من مختلف الأطياف، فالكل يساهم في تدمير الإنسان العربي السوري والأرض السورية تحت ذريعة كلمة المقاومة.
وتحت ذريعة المقاومة وما يستلزمها من عمل تم نسيان العدو الصهيوني الذي هو أساس كلمة المقاومة وبسببه وجدت هذه الكلمة، فقد نسيه الجميع ونسوا مقاومته وما فعله ويفعله وظنوا أو تظاهروا بمقاومتهم له عن طريق قتل الإنسان العربي وتهجيره من أرضه وهم بذلك يعطون العدو الصهيوني الذريعة التي يبحث عنها للاستمرار في تهويد الأرض الفلسطينية، فعن أية مقاومة يتحدثون... الله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .