العدد 2860
السبت 13 أغسطس 2016
banner
أمثلة أخرى على الديمقراطية.. ولكن في اليمن هذه المرة
السبت 13 أغسطس 2016

تحدثنا كثيرا عن الأحداث في اليمن السعيد، ومع أن الحديث لا ينتهي لكثرة المستجدات، إلا أننا سنتناول جانبا واحدا قيما وجديدا في نفس الوقت، وذلك لارتباطه بمدأ الديمقراطية مجال الحديث هنا، وكمثل على سوء استخدام هذا المبدأ عند الكثيرين ممن يتحدثون عنها ولا يطبقونها، أو أنهم يستخدمونها في اتجاه واحد وهو وصولهم للسلطة ثم يضعونها في الثلاجة كما قلنا مؤخرا.
كان الحوثيون أو من يطلقون على أنفسهم انصار الله يقاتلون النظام تحت شعار المظلومية والمناداة بالمساواة التي هي من مبادئ الديمقراطية، وكانوا يقولون حينها إنهم يعيشون حالة من الظلم وعدم المشاركة في صنع القرار، وكانوا حينها يحاربون نظام علي عبدالله صالح الذي أساء للديمقراطية في ذلك الوقت وهيمن على مقدرات البلاد وزور الانتخابات وأنزل اليمن إلى مصاف الدول الفقيرة لكثرة ما نهبه هو ومن معه من مقدراتها، وكل ذلك تم تحت شعار الديمقراطية والانتخابات التي هي مجرد تعبير عن المبدأ.
ثم دخلت اليمن بعد أزمتها في 2011 في حوار شعبي ساهم فيه حزب عبدالله صالح وجماعة انصار الله وتوصل المتحاورون إلى مبادئ كثيرة لانتشال اليمن مما هو عليه عن طريق مشاركة الجميع في صنع القرار اليمني، واعتقد الجميع أن اليمن بهذه النتائج على وشك الخروج من عنق الزجاجة والتحول نحو الديمقراطية الحقيقية أو القرب منها على الأقل، إلا ان الجماعة الحوثية وأتباع صالح انقلبوا على كل ذلك واستخدموا القوة لفرض إرادتهم في نقض واضح لكل ما هو ديمقراطي، وتحولوا نحو الديكتاتورية المعادية للديمقراطية، مع أن الشعب اليمني قبلها كان قد انتخب رئيسا للبلاد يمثل الشرعية الشعبية ليكون ميزان العمل السياسي الانتقالي.
ثم ونتيجة للانقلاب على الشرعية دخلت اليمن حالة ظلامية غير مفهومة عند الكثيرين واستنجد الرئيس الشرعي ونظامه بأشقائه في المنطقة بعد أن وجد نفسه محاصرا بهذه القوى (أنصار الله وجماعة صالح) وذلك لنجدة اليمن وإعادته إلى مصاف أشقائه، خصوصا أن ما حدث كان من نتائج التدخل الأحنبي في شأن اليمن، وعلى إثر ذلك حدثت حرب داخلية بين طرفين، طرف يحمل الشرعية شعارا ويدافع عنها ويريد السير باليمن في الطريق الذي خطه له المتحاورون، وطرف يأبى إلا أن يهيمن على اليمن بالقوة غير آبه بما تريده غالبية الشعب اليمني، وفرض بالقوة إرادته على الجميع.
إثر ذلك دخلنا في ما اطلق عليه مفاوضات بين الطرفين في جنيف ثم في الكويت، ومارس طرف الحوثيين وأتباع صالح جميع أشكال المماطلة واللف والدوران على كل ما يطرح، ووضعوا العقبات الواحدة تلو الأخرى كلما اوشك المتحاورون على التوصل إلى نتيجة رغم تنازل طرف الشرعية عن الكثير من اجل اليمن وفي سبيل وقف نزيف الدم اليمني، ثم توقف كل شيء فجأة وبعد أن انقلب (أنصار الله) وأتباع صالح على كل شيء بما فيه الديمقراطية نفسها التي يتحدثون عنها وأساءوا من قبل لها.
وأخيرا نجد أنهم يعودون للحديث عن الديمقراطية ويريدون استخدامها ولكن بطريقة عرجاء لترسيخ كل ما أقدموا عليه وكل إساءاتهم لهذه الديمقرايطة المظلومة بأفعالهم، فهم يريدون استخدام مجلس النواب القديم الذي انقلبوا عليه والفاقد هو الآخر لبعض شرعيته من أجل إقرار انقلابهم الأخير والمتمثل في تشكيل مجلس سياسي رئاسي ينهون به كل شيء، وهم بذلك يريدون ضرب الديمقراطية بعصا الديمقراطية.
الغريب أنهم يصدقون انفسهم حين يريدون دعوة من يقبع تحت احتلالهم في صنعاء وغيرها كجزء من المجلس يقع تحت سيطرتهم كي يقر ما أقدموا عليه ويشرعن انقلابهم بالقوة بعد أن عجزوا عن جعله واقعا ملموسا بالقوة وبعد أن أيقنوا أنهم في طريق النهاية وبالقوة المادية بعد ان عجزت المفاوضات أو الحوار عن إثنائهم عن غيهم الذي مضوا فيه، فهل هناك استخدام سيئ ومهين للديمقراطية أكثر من ذلك؟.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .