العدد 2858
الخميس 11 أغسطس 2016
banner
أمثلة علىالممارسة الديمقراطية
الخميس 11 أغسطس 2016

الحديث عن الممارسة الديمقراطية قد يكون سهلا ومتاحا لكل من يريد أن يفتي أو يتبجح بأنه ديمقراطي ويحترم الآخر ويقر له بالرأي الحر، ولكن عند الممارسة تختلف الأمور وتتبين الحقيقة ويُعرَف الديمقراطي الحقيقي من مُدَّعِي الديمقراطية أو المتعلق بها، اسما وليس فعلا، فالأمور والمواقف تختلف عند الإنسان عندما يكون صاحب سلطة عنها حينما يكون بعيدا عنها، أو عندما يضع الديمقراطية كشعار يعتقد أنه به يمكن أن يضحك على الآخرين، أو عندما يستخدمه للوصول فقط ثم يرميه جانبا أو يضعه في الثلاجة لاستخدامه عند الحاجة فقط، والأمثلة كثيرة على ذلك لمن يريد أن يعرف أو يبحث عن الحقيقة الغائبة في زمننا الحالي.
عندما حوكم رجل دين في المملكة العربية السعودية وحكم عليه واستنفد درجات التقاضي وتم تنفيذ الحكم فيه، عندها قامت قيامة إيران والعراق على سبيل المثال لا الحصر، مع أن الحكم أتى بعد محاكمة استمرت شهورا لا أياما، ونفس الموقف تتخذه هذه السلطات عندما يحدث أمر مماثل هنا في المملكة أو في الكويت على سبيل المثال، ويبدأ الحديث عن الديمقراطية (الغائبة) عندنا وانعدام حرية التعبير والتمييز بمختلف انواعه ودرجاته ويبدأ الحديث عن حقوق الإنسان (الغائبة) في هذه الدول، وتتحرك بعض (المنظمات الحقوقية) في لندن وأميركا للتنديد بما يجري والمطالبة بوقف هذه الإجراءات، ويتم من خلال ذلك التدخل في الشأن المحلي لهذه الدول، بل في أحكام القضاء فيها وكأن القضاة لا يعرفون القانون ولا يطبقونه ويتلقون الأوامر للحكم على من تريد السلطة!
أما في إيران والعراق، ونحن هنا نتحدث عنهما بالتحديد، لأن كلا منهما يدعي الديمقراطية وتداول السلطة عن طريق صندوق الاقتراع، وهذه في الحقيقة كلها أمور شكلية لا علاقة لها بالواقع، في الدولتين بالتحديد يتم انتهاك كل قانون و”الدوس” على جميع أنواع الحريات باسم الديمقراطية التي يتحدثون عنها، والدليل على ذلك لا يحتاج إلى بحث وتنقيب، بل هو موجود في إعلاناتهم علنا وأمام الأشهاد حين يتم زهق أرواح المواطنين هناك ليس لجريمة اقترفوها، بل لأنهم طالبوا بحقوقهم كبشر ورفضوا الخضوع للظلم السائد من حولهم ونادوا بالحرية المفقودة، وجميعنا سمعنا وقرأنا عن الإعدامات التي تمت مؤخرا للعشرات من المواطنين القاطنين في الدولة الإيرانية، وقبل ذلك العشرات ممن تم التوقيع على أحكام الإعدام بحقهم في العراق لنفس الأسباب تقريبا، ومع ذلك لم نسمع تلك الأصوات التي تندد أو تستنكر.
في إيران تنادي شعوب كثيرة بحريتها وحقها في الحياة، شعوب كثيرة تقبع تحت الاحتلال وتحرم من حقوقها كبشر أسوياء، ويتم سحقها وتشريدها إن تحدثت عن تلك الحقوق أو طالبت بها سلميا ويجري القبض على الكثيرين فيها وتنفيذ الإعدامات بحقهم بلا محاكمة تفرضها المبادئ الأساسية للديمقراطية، وفي العراق يعيش الشعب تحت خط الفقر ويتم التنكيل به في كل وقت ومكان ويتم تجميع كل من يعارض النظام ومن جميع الطوائف والأعراق ثم يتم الزج بهم في سجون جماعية وتحت التعذيب واغتصاب النساء، وكل ذلك يتم تحت مسمى الديمقراطية التي جلبتها الدبابة الأميركية للعراق وأنزلتها الطائرات الأميركية، لذلك لا نريد من قتلة الديمقراطية في إيران والعراق الحديث عن الديمقراطية فهم أكثر من انتهكها وأسال الدماء باسمها.
الديمقراطية ليست شعارا يرفع، ولا هي صندوق انتخاب مزيف لا يخرج الحقيقة ويتم التلاعب به لمصلحة من بيده القوة والسلطة، فالديمقراطية ممارسة صحيحة واحترام الآخر وتجسيد عملي للحقوق والحريات والمساواة بين الكبير والصغير، الضعيف والقوي، الغني والفقير، لذلك لا تتحدثوا عن الديمقراطية ودعوها في مساكنها رحمكم الله.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية