العدد 2856
الثلاثاء 09 أغسطس 2016
banner
لصوص العراق مرة أخرى
الثلاثاء 09 أغسطس 2016

قد يكون عراق اليوم من أكثر دول العالم فسادا وتخلفا وذلك حسب المنظمات الدولية وعلى رأسها الشفافية الدولية، وصحيح أن السرقات التي يقوم بها المسؤولون علنا وعلى رؤوس الأشهاد أصبحت سمة رئيسية من سمات الوطن العراقي، لذلك تردى حال الإنسان العراقي إلى أدنى مستوى له في وطننا العربي الكبير، وهذه السرقات أو ذلك الفساد اتى مع من اتى بعد الغزو الغربي للعراق، لذلك فمن الطبيعي ألا يكون سمة من سمات الشعب العراقي، بل هو دخيل عليه، فقد أفرز هذا الغزو وجود بشر على الأرض العراقية لم يكونوا موجودين عليها من قبل بصفاتهم، وهذا لم يحدث لأن شيئا داخليا حدث وقلب الأوضاع فيه ليغير النظام من الداخل ويستبدله ببشر يحبون العراق ويعملون من اجله، بل الحقيقة التي نعرفها جميعا ولا ينكرها، حتى أعداء العراق من الذين يضمرون له الشر، ان قلب الأوضاع اتى من الخارج ورغما عن إرادة الشعب العربي في العراق.
وإذا كان هذا الانقلاب قد اتى من الخارج، ونعني به الغرب بصورة أساسية والولايات المتحدة على وجه الخصوص، فإن ذلك ما كان ليحدث لو لم يكن المحيطون بالعراق قد ساهموا بكل قوة في ذلك وتسببوا فيه لأسباب عديدة، قد نعرف بعضها ونجهل البعض منها، ولكنها كانت وراء ما حدث، وهؤلاء المحيطون ربما لم يحسبوا حساباتهم بصورة صحيحة ولم يتوقعوا ان يؤدي ما فعلوه إلى ما نراه اليوم، والكثير منهم أصبح يعض اصابع الندم حاليا على ما فعل أو ما ساهم فيه، خصوصا بعد أن رأى أن هذا البلد العربي انقلب على العروبة وتحول ولاؤه إلى جهة اخرى غير العرب وقضاياهم، وتردى فيه حال المواطن العربي، وأصبح بؤرة تنتج أنواعا شتى من الإرهاب وأدى إلى ان تكون المنطقة في حالة غليان مستمر لا ينقطع، وبسبب كل ذلك تم استنزاف ثروات المنطقة بكاملها وعلى رأسها ثروة العراق نفسه، وأصبح الفساد والسرقات كما قلنا سمة رئيسية فيه، بل أصبح المواطن العربي العراقي الحقيقي عاجزا عن التغيير في الوقت الراهن وأحد أسباب هذا العجز (وليس الوحيد بالطبع) هو ما يعج به الوطن من انواع شتى من المليشيات التي لا تتبع العراق بل تتبع جهات أخرى ولا تحمي المواطن، بل تحمي تلك الجهات من غضب المواطن.
هذا يؤدي إلى نتيجة منطقية، ولو مؤقتا أو في الوقت الراهن، مفادها أن تعديل الوضع في العراق العربي بحاجة إلى دعم عربي ووقوف الأمة بجانب هذا الجزء من الوطن العربي، وهذه الوقفة بحاجة إلى قرار عربي حقيقي بعيد عن التأثير الغربي أو التأثر بالغاية والتوجيه الغربي، وهذا الدعم لا يكون مع نظام باع الوطن بطبيعة الحال، بل مع من يريد التغيير والعودة بالوطن والمواطن إلى المسار الصحيح، بمعنى أن النظام المهيمن على القرار في العراق العربي وأسلوب وصوله إلى سدة القرار غدا بعيدا عن الإصلاح والتغيير، وما نراه في الساحات العراقية من رفض لكل ما يحدث هناك الدليل على ما نقول، ومن المهم فهم أن هذا الحديث غير موجه لطائفة دون أخرى او عرق دون آخر، بل هو للجميع، فالطوائف المختلفة تحوي من جمر العراق وبها من يريد إنقاذ العراق، لذلك فإن المراد ان يحدث التواصل وتقديم الدعم للمواطن العراقي دون تحديد إلى اية طائفة ينتمي أو أي عرق، بل هو ذلك الذي يكون انتماؤه للعراق والوطن العربي.
الخلاصة أن من ساهم في وضع العراق في هذا الوضع المزري عليه واجب وأمانة ان يعمل على إعادة العراق إلى المسار الصحيح، اما كيف يكون ذلك وماهيته، فهذا مرهون بالآخر... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .