العدد 2853
السبت 06 أغسطس 2016
banner
صراع اللصوص على الغنيمة
السبت 06 أغسطس 2016

اللص مثله مثل الإرهابي، لا دين له، ولا مذهب ولا جنس، بل يشترك مع غيره من اللصوص في صفة السرقة والبحث عن أماكن يسرقها، لا يهمه في ذلك من يسرق بل كيف يسرق وماذا يسرق، وأحيانا لا يكون اللص فردا واحدا، بل يجتمع اللصوص في الكثير من الأحيان ليشكلوا عصابة، كل فرد منها له مهمته وله نصيبه من الغنيمة أو المسروقات، إلا انهم أحيانا يختلفون على ذلك النصيب فيدب الخلاف بينهم، كل يريد قدرا أكبر، حينها يمكن أن تنكشف العصابة ويُعرَف اللصوص، وهذا ما حدث ويحدث في العراق المسروق بكامله، فهو أرض مليئة بكل أنواع اللصوص حاليا بعد ان كانوا معدومين تقريبا في العهد السابق، بل يتفاخرون بقدرتهم على السرقة بعد ان كانوا يتسترون بكل شيء لإخفائها في السابق، وآخر هذه النزاعات بينهم هو ما حدث مؤخرا بين وزير الدفاع الحالي “خالد العبيدي” ورئيس البرلمان “سليم الجبوري” اللذين تحدث كل منهما عن لصوصية الآخر في جلسة البرلمان.
في العراق المسروق الذي أصبح مباحا لكل اللصوص ينهبون منه ما يستطيعون حمله أو تهريبه ويتشاركون في وضع الخطط الفنية لذلك علنا وليس سرا، في هذا البلد المنكوب أصبح الشريف لا يجد موقعا يتخفى فيه عن اللصوص حتى لا ينعت بمثلهم أو يقرن اسمه بهم، إلى الدرجة التي يصعب فيها التفريق بين الشريف وغير الشريف بعد أن تحولت هذه الأرض إلى ساحة للصوص وليس للمواطنين الذين يتحملون تبعة كل تلك السرقات من قوت يومهم ومن راحتهم في بلدهم الغني الذي تحول إلى بلد فقير على يد أولئك اللصوص ومن يقف خلفهم ويحميهم، ونعني بذلك الولايات المتحدة الأميركية التي وضعتهم ومعها فارس التي توجههم كونها تعمل على تدمير هذا البلد وتحويله إلى أرض معارك بين أبنائه حتى لا يعود إلى دوره التاريخي والجغرافي كحائط صد عن التدخل الفارسي في الشأن العربي.
نحن في هذه الزاوية لا نوجه اتهاما لا للوزير العبيدي ولا لرئيس المجلس النيابي سليم الجبوري فهذا شأن القضاء العراقي غير الموجود في الأساس، ولكن الأرقام التي تتحدث عن الهدر في المال العام أرقام غريبة ومخيفة، وهي أرقام لا تذكر للمرة الأولى مؤخرا، بل جرت الأخبار على ذكرها لسنوات عديدة دون أن يتحرك أحد لوقفها، فمن بيده وقفها او التحقيق فيها هو جزء منها، فكيف يحاسب لص نفسه، فرئيس الوزراء العبادي كان جزءا من منظومة الفساد التي تجتاح العراق، والأرقام تقول إنه فقط في عهد السارق الأكبر رئيس الوزراء السابق “نوري المالكي” الذي يمثل الدولة الفارسية في العراق كان حجم السرقات في ثماني سنوات يقارب 109 مليارات دولار.
المواطن العربي في العراق يجد نفسه على غير هدى، ماذا يستطيع ان يفعل لاستعادة وطنه، كل رؤساء الأحزاب الكبرى تقريبا مشتركون في الفساد، أغلبية الوزراء فاسدون، جل أعضاء مجلس النواب غارقون في الفساد والسرقة، القضاء عاجز عن الفعل، فالقاضي لا يقوى على الوقوف في وجه الفساد حتى لو أراد، فهو معرض للقتل أو الاختفاء لو فكر في ذلك ولا حماية له، فما الذي يستطيع العربي العراقي ان يفعل لاستعادة وطنه كما قلنا؟ هل يركن إلى الواقع ويستسلم له واليأس أم يبادر إلى الفعل الإيجابي المنتج الذي به ومن خلاله يمكن أن يعود العراق إلى ما كان عليه، بلد يسبق غيره في النمو والتطور بعد أن تخلف عن الجميع بفضل الغزو ومن أتى معه والاحتلال الفارسي... للحديث صلة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .