العدد 2832
السبت 16 يوليو 2016
banner
خارج المتوقع... عكس التيار
السبت 16 يوليو 2016

لم أكن أتوقع صراحة ما قام به وزير الخارجية المصري سامح شكري قبل أيام بزيارته الكيان الصهيوني، حتى وإن لم تكن هناك مؤشرات بعكس ذلك، والعذر المعلن هو التوسط لإيجاد حل سلمي بين العدو والفلسطينيين، لم أكن أتوقع لأن سياق الأحداث يقول عكس ذلك، ثم فجأة يتواجد الوزير على الأراضي المحتلة التي كانت مصر أكثر الدول العربية تضحية من أجلها ومن أجل عودتها لأصحابها الحقيقيين، ورغم سوء النظام المصري السابق وعلاقته بالكيان الصهيوني إلا أن وزراء خارجيته حينها كانوا يتجنبون زيارة من هذا النوع.
مجرى الأحداث وبعد الحراك الشعبي الكبير الذي طال مصر من جنوبها إلى شمالها يوحي بأن العلاقة مع هذا الكيان ستبدأ في التقلص والتحجيم خصوصا مع وجود من يرفض السلام ويصر على العدوان على رأس السلطة المحتلة، فالتحرك الذي عاشته مصر منذ يناير 2011 مرورا بيونيو 2013 كان ومازال يحمل توجها مناهضا لهذه العلاقة التي بدأت بالزيارة المشؤومة للقدس المحتلة عام 1977 من قبل الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، بل إن ما يموج به التوجه الشعبي منذ ذلك الوقت كان مناهضا لأية صورة من صور التطبيع التي حاول النظام السابق السير فيها بل كان الشعب، ومازال، يجرم أية محاولة شعبية لذلك التطبيع، فما الذي يحدث؟ وما الذي يدفع وزير الخارجية المصري الحالي للقيام بهذه الزيارة غير المقبولة شعبيا؟
النظام الحالي أتى من خلال حراك شعبي غير مسبوق في مصر في الثلاثين من يونيو والثالث من يوليو عام 2013، وهو الحراك الذي رفض النظام الذي كان موجودا حينها – أي نظام الإخوان المسلمين - بسبب محاولته ابتلاع مصر وجعلها في خدمة التنظيم ثم محاولته بيع شبه جزيرة سيناء كسبيل للتخفيف عن الكيان الصهيوني بتسكين عدد من الفلسطينيين فيها، بالتالي فإن المفروض والمتوقع أن يسير النظام في المسار الذي يريده هذا الحراك أو من شارك في هذا الحراك من الرافضين للعلاقة مع الكيان الصهيوني، وما نعرفه أن جل الشعب المصري الذي شارك في هاتين الموجتين الشعبيتين يرفض أي نوع من التطبيع مع هذا الكيان، بل وصل به الحال إلى المطالبة بتحجيم هذه العلاقة وصولا إلى إنهائها، فكيف يتحرك وزير الخارجية الحالي في الاتجاه المعاكس لما يريده الشعب العربي في مصر؟
ليس هناك ما يمكن أن يلزم أو يجبر مصر ووزير خارجيتها على هذا العمل، فمصر والنظام القائم فيها في موقف أقوى بكثير مما كان عليه ايام النظام الأسبق الذي فضل التعاون مع الخارج والغرب بالذات على حساب الوطن، والنظام الحالي قام على حركة شعبية كبيرة وليس بحاجة لدعم سياسي أو غير سياسي من الخارج لأنه مدعوم شعبيا، لذلك من المستغرب الإقدام على هذه الزيارة التي تسيء أكثر من استفادة الشعب الفلسطيني منها، بل تعطي عداء في الخارج والداخل لإعمال معاول الهدم والتشهير.
ولكن ما يضع علامة استفهام كبرى على ذلك هو موقف الإعلام في مصر وبالذات الخاص من هذه الزيارة، فلم نجد أي نوع من المعارضة أو النقد لها من قبل هذا الإعلام، فبالرغم من كثرة المحطات الفضائية فيها وما كنا نراه فيها من الاستقلال إلا أنها لم تتطرق إلى هذا العمل (على الأقل من خلال متابعتنا لهذه القنوات الفضائية)، ثم موقف مجلس النواب الذي لم نجد منه هو الآخر، وهو المجلس المنتخب بعد حراك 2013، موقفا واضحا يفيد بما يراه في السياسة الخارجية للوطن، وهل ما قام به وزير الخارجية مقبول من المجلس أم مرفوض، فما الذي يحدث... الله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية