العدد 1232
الثلاثاء 28 فبراير 2012
banner
لا نستطيع الحكم على الصورة ونحن جزء منها!
الثلاثاء 30 أبريل 2024

الصورة لدينا أصبحت غاية في التعقيد، والذي يريد أن يفهمها ويريد مصلحة هذا الوطن وبقائه قويا متماسكا، لابد أن يخرج من الصورة ثم يبدأ في تقييمها ودراستها بشكل جيد، لأن من هو داخل الصورة لن يستطيع رؤيتها بشكل كامل.
لقد وصلنا إلى درجة من التنافر ورفض بعضنا البعض بشكل لم يكن موجودا في تاريخ البحرين وهذه هي المشكلة.
“كل حزب بما لديهم فرحون”، كل مجموعة لا ترى إلا نفسها، ولو قمنا بتحليل ما يكتب في صحفنا كل يوم ونظرنا إليه نظرة علمية محايدة؛ لأدركنا حجم الخطر الذي يحيق بنا.
فريق يريد لنفسه كل شيء ويريد صياغة كل شيء حسب رؤيته ومصلحته دون تفكير في غيره، فالوفاق ومن يدورون في فلكها لم يقدموا جديدا ولم يتحركوا نحو أي توافق، رغم الظروف العصيبة التي مررنا بها فهم يعتبرون اللحظة الحالية فرصة لن تتكرر وأن مطالبهم لابد أن تتحقق مهما كان موقف غيرهم منها ومهما كانت النتائج التي يتمخض عنها هذا الموقف المتصلب حتى إن سقطت هذه البلاد في الفوضى.
الوفاق ومن معها يعتبرون أنفسهم الشعب بأكمله ويتصرفون ويتحدثون مع وسائل الاعلام على هذا الأساس،وينظرون إلى أغلبية هذا الشعب على أنهم منافقين ومنتفعين من الحالة الحالية.
الفكرة المتكررة في أدبياتهم وفي خطبهم هي الدعوة إلى الحل السياسي وكأن الحل السياسي معناه الحصول على كل شيء وإغفال حقوق الآخرين.
وهناك فريق ثان يرد على تطرف الوفاق بتطرف مضاد وينتقد تراخي الحكومة والأجهزة الأمنية في التصدي لمن يخرجون على القانون ويهزون استقرار البلاد، فماذا بوسع الحكومة أن تفعل؟
وبين أولئك وهؤلاء ظهر فريق ثالث أسعدنا ظهورهم وأشعرنا بالأمان، وأدركنا أن الغالبية من أبناء البحرين لديهم من الوعي ما يمكنهم من تجاوز هذه المرحلة.
ونقصد بهذا الفريق الثالث أبناء الفاتح الذين تجمعوا في أحلك الظروف وأعطونا انطباعا بأنهم سوف يطهرونا من رجس الطائفية ويضمدون جراح البحرين ويقطعون الطريق على المتآمرين على بقائها واستقرارها.
ولكن تغييرا طرأ على هذا الفريق أيضا، حيث ادت المواقف المتصلبة للوفاق وأعوانها، والخطب النارية التحريضية للشيخ عيسى قاسم، إلى تسرب التطرف إلى قطاع الشباب من هذا الفريق، ونحن لا نلومهم عندما بدأوا هم أيضا يرفضون الحوار كما يرفضه الوفاقيون ومن معهم.
الدكتور عبد اللطيف آل محمود رجل مخلص ويخاف على مصلحة هذا البلد واستقراره وينظر إلى بعيد ويرى ما لا يراه الصقور من الطرفين، ولكننا لا نستطيع أن نلوم الشباب الذين اصبحوا أكثر صلابة في مواقفهم لأنهم رأوا إصرار الطرف الآخر على عدم الحوار.
وزبدة القول انه من الضروري أن يخرج الكبار الذي يخلصون لهذا البلد من هذه الصورة المخيفة التي نعيش فيها وينظرون إليها بتمعن، وهم خارجها، ويفكروا في مستقبل هذا البلد الذي وسعنا منذ القدم، حتى لا نكون كالذين يختلفون حول فرائض الوضوء على مسح ربع الرأس أو مسح نصف الرأس في الوقت الذي يتأهب فيه الأعداء لقطع رؤسنا جميعا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .