العدد 786
الخميس 09 ديسمبر 2010
banner
تعليق على التعداد السكاني
الثلاثاء 07 مايو 2024

ضجة كبيرة حدثت، وقلق كبير انتاب الكثير منا إثر نشر التعداد السكاني للمملكة 2010، وهو في الحقيقة أمر مقلق أن يكون عدد الأجانب في المملكة أكثر من عدد المواطنين، لأن لذلك تأثيرات اقتصادية واجتماعية وثقافية وتداعيات أمنية سلبية على الشعب البحريني وعلى أجياله القادمة.
وأعتقد أن دراسات علمية صدرت عن مجلس التعاون الخليجي بينت التأثيرات السلبية للعمالة الأجنبية بأعدادها الحالية على الشعوب الخليجية بشكل عام.
كثير من الذين عبروا عن قلقهم تجاه هذه القضية طالبوا بضرورة قيام الحكومة البحرينية بتبني آلية لتقليل عدد الأجانب في المملكة ووضع سقف لعدد المقيمين الأجانب فيها.
هذا المطلب لا شك مطلب شرعي، ولكن ليست الحكومة وحدها هي التي تملك تقليل عدد الأجانب في المملكة ولكننا جميعا كشعب نتحمل مسؤولية معينة تجاه تزايد عدد الأجانب وعلينا دور كبير في المساعدة في تقليل هذا العدد إلى الحدود الطبيعية الموجودة في أنحاء العالم، لأنه حسب معلوماتي لا يوجد مكان في العالم يزيد فيه الأجانب على المواطنين سوى دول الخليج العربية.
نحن كشعب نملك تقليل عدد الأجانب، إذا استطعنا أن نغير بعض ثقافتنا وعاداتنا التي تربينا عليها. وأول ما يجب أن نغيره في ثقافاتنا هو نظرتنا إلى العمل، فلا يوجد عمل حقير وعمل آخر يليق بنا، طالما أن هذا العمل شريف وليس فيه ما يغضب الله أو يضر بالوطن.
ولكن مشكلتنا تتلخص في أننا، حتى الآن، نرفض أن نقوم بالعمل اليدوي أو المهني بكافة أشكاله، فليس بيننا من يقبل بالعمل ككهربائي أو “بايفيتر” أو بناء أو صباغ أو غيرها من المهن، وبالتالي نقوم باستيراد العمالة من الدول الأخرى، خاصة دول شرق آسيا ذات العمالة الرخيصة، تلك العمالة التي تأتي بخلفية ثقافية مختلفة وبعادات تختلف عن عاداتنا وتؤثر علينا وعلى أبنائنا بشكل سلبي.
هؤلاء العمال عندما يأتون إلى بلادنا، سرعان ما يستقدمون أسرهم التي تحتاج إلى مدارس وإلى رعاية صحية وإلى مرافق عامة وماء وكهرباء وصرف، وكل هذا يتم تحميله على ميزانية الدولة البحرينية.
علينا إذا أن نسعى ونشارك بشكل عملي في بحرنة كل الأعمال وليس فقط السعي إلى بحرنة الأعمال المكتبية المتميزة، لأن مشكلة التواجد الأجنبي الضار تكمن في المهن البسيطة وليس في الوظائف العالية التي تتطلب خبراء ومستشارين أجانب، لأن المهن البسيطة تضم القاعدة العريضة من هذا التواجد. وليس هناك شيء غير طبيعي أو زائد عن الحد في الاستعانة بالمستشارين الكبار في تخصصات بعينها، وهذا ليس شيء معيب أو مخجل لدينا، لأن كل دول العالم تستعين بأجانب في تخصصات معينة وتستقطب المتفوقين في كافة المجالات ليصنعوا لها تقدمها.
في الدول الأخرى، ومن بينها دول عربية، نجد الشخص يعمل في وظيفته الحكومية في الصباح ثم يقوم بعمل آخر لتحسين دخله في الفترة المسائية، ومن لا يجد عملا في الحكومة يقوم بالعمل كبائع في برادة أو يتعلم مهنة معينة مثل إصلاح أجهزة التبريد والتكييف وغيرها من الأعمال التي يرفض أهل الخليج القيام بها.
إذا أردنا من الحكومة أن تقلل من العمالة الأجنبية، لا بد أن نساهم في توفير العمالة من الداخل، وإلا فماذا يفعل أصحاب الأعمال الذين يحتاجون إلى العمالة العادية لتقوم بأعمال البناء والإصلاح وغيرها من الأعمال اليدوية؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .