+A
A-

أم لطفل صعوبات تعلم كافحت لعلاج ابنها بتقديم جرعات أمل تلتهم الإحباط

إعداد‭ : ‬حسن‭ ‬فضل

بدرية‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬الستري‭ ‬أم‭ ‬لطفل‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬تأخر‭ ‬نمائي‭ ‬بسيط،‭ ‬بدأ‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬سنتين‭ ‬ونصف‭ ‬وامتد‭ ‬إلى‭ ‬ثماني‭ ‬سنوات‭. ‬كانت‭ ‬البداية‭ ‬مع‭ ‬مشكلة‭ ‬التأخر‭ ‬في‭ ‬النطق،‭ ‬وتطورت‭ ‬إلى‭ ‬مشكلات‭ ‬في‭ ‬مهارات‭ ‬الكتابة‭ ‬والقراءة‭.‬

وظفت‭ ‬بدرية‭ ‬خبراتها‭ ‬في‭ ‬التدريس‭ ‬والإشراف‭ ‬في‭ ‬عملها‭ ‬بالمدرسة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬حالة‭ ‬ابنها،‭ ‬ونجحت‭ ‬في‭ ‬مساعدته‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬المشكلة‭ ‬بنجاح‭. ‬

وتتلخص‭ ‬تجربتها‭ ‬في‭ ‬الثقة‭ ‬بقدرات‭ ‬الطفل،‭ ‬واستشارة‭ ‬المختصين‭ ‬والرعاية‭ ‬الأولية،‭ ‬والاهتمام‭ ‬والتدريبات‭. ‬عرضت‭ ‬بدرية‭ ‬الشيخ‭ ‬تجربتها‭ ‬عبر‭ ‬‮«‬صحتنا‭ ‬في‭ ‬البلاد‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬الحالات‭ ‬المشابهة‭ ‬لابنها،‭ ‬وتكون‭ ‬بمثابة‭ ‬جرعات‭ ‬أمل‭ ‬تلتهم‭ ‬الإحباط‭ ‬وتعطي‭ ‬دافعًا‭ ‬للمواصلة‭.‬

البداية‭... ‬تأخر‭ ‬في‭ ‬الكلام‭ ‬والنطق‭ ‬

علي‭ ‬أصغر‭ ‬الأبناء،‭ ‬لاحظت‭ ‬تأخره‭ ‬في‭ ‬الكلام‭ ‬وصعوبات‭ ‬في‭ ‬النطق‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬السنتين‭ ‬ونصف،‭ ‬فاحتواها‭ ‬القلق‭ ‬والخوف‭ ‬نظرًا‭ ‬لوجود‭ ‬حالات‭ ‬توحد‭ ‬في‭ ‬العائلة،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬التوحد،‭ ‬ولكن‭ ‬أختها‭ ‬طمأنتها‭ ‬كونها‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬متخصص‭ ‬بالتوحد،‭ ‬وذلك‭ ‬نظرًا‭ ‬لوجود‭ ‬تواصل‭ ‬بصري‭ ‬سليم‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬تمييز‭ ‬الأشخاص،‭ ‬فطمأنتها‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬توحدا،‭ ‬ولكن‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬عنده‭ ‬تأخر‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬القدرات،‭ ‬خصوصا‭ ‬أنه‭ ‬بدأ‭ ‬بالنطق‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬ولكن‭ ‬النطق‭ ‬الصحيح‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬ونصف‭.‬

التشخيص‭... ‬بداية‭ ‬رحلة‭ ‬العلاج

كان‭ ‬قرارها‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬إدخاله‭ ‬الحضانة‭ ‬ليحتك‭ ‬بأطفال‭ ‬من‭ ‬أقرانه‭ ‬ويتعلم،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬كان‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬الخجل‭ ‬من‭ ‬الكلام،‭ ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬تحدث‭ ‬كان‭ ‬يقوم‭ ‬بقلب‭ ‬الحروف،‭ ‬فيضحك‭ ‬عليه‭ ‬أقرانه‭ ‬وحتى‭ ‬أقاربه‭ ‬المقاربون‭ ‬له‭ ‬بالعمر،‭ ‬لتبدأ‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬التعليقات‭ ‬الجارحة‭.‬

بنصيحة‭ ‬من‭ ‬أختها‭ ‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬الأطباء‭ ‬المختصين‭ ‬في‭ ‬تشخيص‭ ‬الإعاقات‭ ‬وصعوبات‭ ‬التعلم،‭ ‬ولكون‭ ‬عمره‭ ‬صغيرا‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬إجراء‭ ‬بعض‭ ‬الاختبارات‭ ‬التشخيصية،‭ ‬لذا‭ ‬أجرى‭ ‬بعض‭ ‬الاختبارات‭ ‬كتمييز‭ ‬الألوان،‭ ‬وبعض‭ ‬الأرقام،‭ ‬واكتشف‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬مرحلته‭ ‬هذه‭ ‬متأخر‭ ‬عن‭ ‬أقرانه،‭ ‬وأنه‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يميز‭ ‬الألوان‭ ‬وبعض‭ ‬الأرقام،‭ ‬واقترح‭ ‬الذهاب‭ ‬لمركز‭ ‬متخصص‭ ‬في‭ ‬صعوبات‭ ‬التعلم‭.‬

بدايات‭ ‬العلاج‭... ‬طريق‭ ‬إلى‭ ‬الأمل‭ ‬

ذهبت‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬متخصص‭ ‬في‭ ‬صعوبات‭ ‬التعلم‭ ‬لمدة‭ ‬سنة‭ ‬ونصف،‭ ‬وحدث‭ ‬تطور‭ ‬بدرجة‭ ‬كبيرة،‭ ‬والمعلمات‭ ‬لاحظن‭ ‬تطوره‭ ‬نظرًا‭ ‬لكونه‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬صعوبات‭ ‬التعلم‭ ‬البسيطة‭ ‬مقارنة‭ ‬بباقي‭ ‬الأطفال‭ ‬هناك،‭ ‬وكان‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬التعلم‭ ‬مع‭ ‬تكثيف‭ ‬التدريب‭ ‬والأنشطة‭.‬

الالتحاق‭ ‬بالمدرسة‭... ‬وقرار‭ ‬دمجه‭ ‬بالصفوف‭ ‬الاعتيادية

عندما‭ ‬وصل‭ ‬لسن‭ ‬المدرسة‭ ‬كان‭ ‬القرار‭ ‬متأرجحا‭ ‬بين‭ ‬أن‭ ‬يدرج‭ ‬ضمن‭ ‬صفوف‭ ‬الحالات‭ ‬الخاصة‭ ‬أو‭ ‬الصفوف‭ ‬الاعتيادية‭. ‬راجعت‭ ‬مع‭ ‬اختصاصية‭ ‬صعوبات‭ ‬التعلم‭ ‬فاطمة‭ ‬العرادي،‭ ‬وأخبرتها‭ ‬أن‭ ‬الدخول‭ ‬ضمن‭ ‬الحالات‭ ‬الخاصة‭ ‬قد‭ ‬يؤثر‭ ‬نفسيًا‭ ‬على‭ ‬الطفل،‭ ‬فاتخذت‭ ‬قرراها‭ ‬بإدراجه‭ ‬ضمن‭ ‬الصفوف‭ ‬الاعتيادية،‭ ‬مع‭ ‬تنبيه‭ ‬إدارة‭ ‬المدرسة‭ ‬بنوع‭ ‬المشكلة‭ ‬والتواصل‭ ‬مع‭ ‬المدرس‭ ‬باستمرار‭ ‬مع‭ ‬المتابعة‭.‬

صعوبات‭ ‬في‭ ‬مهارة‭ ‬القراءة

في‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬كان‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬مهارات‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬والإملاء‭ ‬فتم‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تدريبات‭ ‬القراء‭ ‬والكتابة‭ ‬والإملاء،‭ ‬مع‭ ‬تدريب‭ ‬على‭ ‬قراءة‭ ‬الكتب‭ ‬القصيرة‭ ‬ومشاهدة‭ ‬أفلام‭ ‬الكرتون‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬الفصحى‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬والإملاء‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬الثاني‭ ‬ابتدائي‭.‬

رسالة‭ ‬للمجتمع‭... ‬توقفوا‭ ‬عن‭ ‬الاستهزاء‭ ‬بقدرات‭ ‬الطفل‭ ‬

ووجهت‭ ‬بدرية‭ ‬الشيخ‭ ‬كلمتها‭ ‬للمجتمع‭ ‬بأنه‭ ‬يجب‭ ‬معاملة‭ ‬الطفل‭ ‬ذي‭ ‬صعوبات‭ ‬التعلم‭ ‬بصورة‭ ‬عادية،‭ ‬وعدم‭ ‬اللجوء‭ ‬للمقارنة‭ ‬والاستهزاء‭ ‬بقدرات‭ ‬الطفل،‭ ‬فمعظم‭ ‬الأطفال‭ ‬يتميزون‭ ‬ويبدعون‭ ‬في‭ ‬جوانب‭ ‬أخرى،‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬التحصيل‭ ‬الدراسي،‭ ‬ويجب‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الجوانب‭ ‬الإيجابية‭ ‬لدى‭ ‬الطفل‭ ‬وتطويرها،‭ ‬إضافة‭ ‬لمحاولة‭ ‬حل‭ ‬المشكلة‭ ‬بعدم‭ ‬التهويل‭ ‬وعدم‭ ‬بث‭ ‬شعور‭ ‬أنه‭ ‬معاق‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬الإنجاز‭ ‬والإبداع‭.‬

إلى‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭: ‬لا‭ ‬تهاون‭ ‬مع‭ ‬صعوبات‭ ‬التعلم‭ ‬

نصيحتها‭ ‬لأولياء‭ ‬الأمور‭ ‬بأخذ‭ ‬المشكلة‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار،‭ ‬وعدم‭ ‬التهاون‭ ‬في‭ ‬حلها،‭ ‬أو‭ ‬تهويل‭ ‬المشكلة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬اللازم،‭ ‬فالهدف‭ ‬أولًا‭ ‬وأخيرًا‭ ‬هو‭ ‬حل‭ ‬المشكلة‭ ‬وعدم‭ ‬تعقيدها‭ ‬وعدم‭ ‬إشعار‭ ‬الطفل‭ ‬أنه‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬مشكلة‭ ‬معقدة‭.‬

وتضيف‭: ‬عليكم‭ ‬بالاهتمام‭ ‬بجانب‭ ‬الرعاية،‭ ‬ومحاولة‭ ‬استشارة‭ ‬المختصين،‭ ‬وعدم‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬نظرة‭ ‬الناس‭ ‬والمجتمع،‭ ‬إذ‭ ‬يجب‭ ‬وقف‭ ‬النظرات‭ ‬والمثيرات‭ ‬التي‭ ‬تُشعر‭ ‬الطفل‭ ‬أنه‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬مشكلة‭. ‬