+A
A-

الفيلم اليمني "المرهقون" والواقع الصعب.. في مهرجان أفلام السعودية

بعد أن منحته مهرجان مالمو للسينما العربية في السويد مؤخرا جائزتها الخاصة، عرض مهرجان أفلام السعودية الفيلم اليمني "المرهقون"، الذي تدور أحداثه حول زوجين يعانيان من الأوضاع الاقتصادية الصعبة في اليمن ولديهما ثلاثة أطفال، ومع اكتشاف الزوجة حملها من جديد تبدأ في التفكير في إجهاض نفسها رغم معرفتها بالعواقب الاجتماعية التي قد تنتج عن هذا الفعل، ويجسد بطولة الفيلم كل من خالد حمدان وعبير محمد وسماح العمراني وإسلام سليم ورؤى الهمشري وعمر إلياس، ومن إخراج عمرو جمال. وفي التفاصيل نشاهد أحمد وكيف أنه لا يعجبه موضوع حمل زوجته إسراء، وما يجب أن يتوقعاه عند إخبار الآخرين بالأمر بسبب ظروفهم ووضعهم المادي، والواقع أن الوالد الفخور لثلاثة أطفال صغار، يعتبر الرابع القادم ليس نعمة، بعكس كل من عرف بالأمر من الأصدقاء والعائلة، خصوصا عندما تم تسريح أحمد مؤخرا من وظيفته في التلفزيون ولم يتلق بعد راتبه لمدة شهرين، وأصبح شراء الضروريات الأساسية تحديا، ناهيك عن تحمل الرسوم الدراسية لابنهما الأكبر نوار.
الزوجان بعد أقل من ستة أسابيع يحاولان الحصول على حق الإجهاض في وطنهما اليمن حيث يعد العثور على طبيب لإجراء العملية في البلد المتدين طلبا كبيرا بعض الشيء!
يبدو أن المخرج عمرو جمال يدرك جيدا أن فرصة رؤية ما بداخل اليمن ليست شائعة على الإطلاق، وهذا هو السبب في أنه يمضي وقتا طويلا في بعض المشاهد التي تنقل المشاهد في رحلة إلى عدن، وكل الأحوال التي يعيشها الشعب اليمني هناك، ونشاهد كيف أحمد وإسراء يختنقان ببطء في المنطقة حيث كان التضخم وحشيا ولا يزال الوجود العسكري في كل مكان مع استمرار الحرب الأهلية، مع مشاهد للمدينة كما لو كان يسمح للفيلم بالتنفس.
إنه يعطي شعورا فريدا بالإحساس أنه حيث يمكن حتى لانقطاع بسيط في الدخل أن يعرقل تماما عائلة من الطبقة الوسطى، ومع ذلك أصبحت هذه المصاعب مقبولة كجزء من الحياة اليومية هناك باليمن المرهقة.
لا شيء في حياة أحمد وإسراء يبدو غير عادي، على الرغم من أن الأمور لا ينبغي أن تكون بهذه الصعوبة، يلجأ أحمد إلى قيادة باص نقل صغير، والتي يتحمل كل المسؤولية عنه عندما تصدم به مركبة عسكرية من الخلف وهروبه ببساطة، لكي يتحمل هو الاضطرار ودفع تكاليف الإصلاحات، بينما تحتفظ إسراء بأي إحباط داخلي لديها في محاولة إنهاء الحمل لإجراء محادثات خاصة مع زوجها، ورهن المجوهرات بشكل غير عاطفي لجمع الأموال للعملية التي قد لا تحدث حتى، وببساطة إخبار أطفالها أنهم لا يستطيعون الحصول على البيض لتناول الإفطار عندما يكون هذا الطعام الآن رفاهية.
ومع ذلك، فإنه من المدمر كيف الحياة تنتزع من الزوجين تدريجيا، خاصة عندما تضطر إسراء إلى اللجوء إلى ملاذها الأخير، "منى" وهي صديقة قديمة وطبيبة يمكنها إجراء العملية، لكنها بالكاد تريد تعقيد علاقتها بها أو مع منى، التي تحتفظ بسجادة صلاة في مكتبها.
تبرز منى كشخصية محورية بطرق تتجاوز بكثير السرد المطروح، وتمثل خطوات واسعة نحو الحداثة في اليمن من حيث مهنتها والحقيقة المصاحبة لها وهي أنها تقود سيارتها إلى العمل عندما يظل ذلك نادرا في هذا الجزء من الشرق الأوسط، لكنها لا تزال مدينة بالفضل لطرق التفكير القديمة عندما تكون ملزمة بتغطية وجهها بالنقاب في أي وقت يدخل فيه رجل الغرفة.
يلاحظ مخرج العمل الانقسامات في كل مكان، ويفكك بنشاط المفاهيم المتجانسة للمجتمع الذي يمكن رؤيته بسهولة على أنه عالق في الماضي، ولكن جعل القوى المجردة الكبيرة التي لا تزال تعيق التقدم واضحة في تجربة أحمد وإسراء والذين واضح جدا بأنهم من جيل المرهقون جدا، يعيش وسط جيل جديد قادم لا يدري أبدا ما الذي ينتظره، وهذا كان جليا في المشهد الأخير من الفيلم الجميل.