العدد 5673
الجمعة 26 أبريل 2024
banner
مع سبق الإصرار
الجمعة 26 أبريل 2024

لست ضد مكاتب استقدام الأيدي العاملة، فهي تؤدي ما عليها من واجبات إزاء الأسر المحتاجة للعمالة المنزلية، لكنني ضد التنمر، التقصد، التآمر على كل من يستقدم هذه العمالة. القانون، جزئيًا يحمي، لكنه لا يحمي المغفلين، والقانون يحمي صاحب المكتب، ويحصنه ضد أي نوع من الغدر، أو أي نوع من التآمر بين المستخدم وعاملة المنزل، لكنه لا يحصن ولا يحمي المستخدم إذا تآمر صاحب المكتب عليه مع العاملة، إذا حرضها على الهروب ثم قام بتشغيلها لدى مكان آخر أو أسرة أخرى.
رب الأسرة ينفق نحو ألفي دينار بحريني حتى تصل إليه عاملة المنزل من أية دولة آسيوية، وبعد مرور ثلاثة شهور قد تفتعل العاملة المنزلية مشكلة وتطلب العودة إلى المكتب، هنا تكون المهلة الممنوحة للمستقدم أو المستخدم قد انتهت، وهو ما يعني أنه سيتحمل نفقات تسفيرها إذا لم يكن هناك اتفاق بين الطرفين ذات العلاقة “صاحب المكتب والشغالة”، وهنا وبعد أن يعيد المستقدم العاملة المنزلية إلى المكتب وهي مازالت على كفالته، يبلغ صاحب المكتب المستقدم “الكفيل” بهروب العاملة المنزلية من مكتبه، و.. هنا لا يجد المستقدم أي مفر من إبلاغ الجهات المعنية في الدولة بالأمر، وبعد مرور سنتين أو أكثر تظهر العاملة المنزلية طالبة السفر إلى بلدها الأصلي وعلى حساب المستخدم أو الكفيل الشرعي الأول. هذه الرواية الهابطة تتكرر مشاهدها ربما كل يوم، وتلك المسرحية الهزلية “تنطلي” على الكثيرين حيث لا قانون يحصن، ولا تشريع يُحرم أو يُجرم، ولا إجراء فوري لتعويض المواطن المسكين عن الألفي دينار التي تحملتها ميزانيته المحدودة من أجل رعاية شؤون البيت والأطفال في ظل غياب الأب والأم في العمل ربما لما بعد عصر كل يوم.

مكاتب استقدام الأيدي العاملة تم الانصياع لرغباتها، لطلباتها، لشكواها، فارتفعت تكلفة استقدام العاملة المنزلية الآسيوية من 300 دينار إلى 2000 دينار، والأفريقية من 150 إلى 1500 دينار، وأصبحت التشريعات تضع المستقدم “الكفيل” في عين العاصفة وحده، هو الذي يتحمل مشقة الانتظار، وتكاليف الاستقدام الباهظة، وغرامات الادعاء بالتعدي أو عدم المواءمة، وثمن تذكرة الطائرة عند التسفير القسري بعد الهروب.
صاحب مكتب الاستقدام لا يتكلف شيئًا ولا يتكفل بشيء، ولا يتحمل أية مسؤولية، فقط يدعي بأن الوسطاء في الدولة المصدرة للعمالة المنزلية يلتهمون القاسم الأعظم من تكاليف الاستقدام حتى تلك المرتبطة بالفحص الصحي المزدوج في بلد المستقدم، وفي البلد المضيف، كل ذلك يتحمله المستقدم “الكفيل” المغلوب على أمره.
مجلس النواب هو الجهة التي تُشرع، وليست السلطة القضائية أو السلطة التنفيذية في الدولة، هو الذي يرفع الاقتراحات، ومشاريع القوانين، وطلبات الإحاطة للحكومة، وهي بدورها تبت في الأمر، فيصدر التشريع متوافقًا ونزولاً لرغبة ممثلي الشعب.
لكن مجلس النواب على ما يبدو مازال مشغولاً في شؤونه الخاصة، في خلافاته، ضجيجه الذي لا ينتج عنه طحين، حتى ما حدث من تراكم لمياه الأمطار في العديد من الأحياء والمدن السكنية لم يُناقش ولم يُرفع لوزارة البلديات طلبًا لمناقشة الموضوع، من أجل تحسين حالة الصرف والبنية التحتية في بعض المناطق بالبلاد، ناهيك طبعًا عن العديد من الملفات المؤجلة التي لم يتم البت فيها وترتبط عضويًا وعصبيًا بمكونات المجتمع ومشاكله وقضاياه الملحة.


كاتب بحريني والمستشار الإعلامي للجامعة الأهلية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .