العدد 5675
الأحد 28 أبريل 2024
banner
د. عدنان محمد القاضي
د. عدنان محمد القاضي
وتراجَعَ وميضُ الاهتمامِ بالموهوبين
الخميس 02 مارس 2023

هل سينفرِط عقدُ الاهتمام الفعليّ بالطَّلبة المَوهوبين سريعًا على مستوى دولنا الخليجيّة والعربيّة؟ أتغيَّرتْ معادلة السياسة التَّعليميّة بشأنِ توفير خِدمات الرِّعاية ذات مستوى رفيع وفقدتِ الرَّمز (س أو ص) الذي يبقيهم فيها؟ لماذا ترتيبهُم كأولويّة مجتمعيّة متَّصلة بالرؤية المستقبليّة الشَّاملة تذيَّل وأصبح هامشيًّا؟
تساؤلات مشروعة، وكغيري من المتابعين للشَّأن التربوي والتعليمي المرتبِط بجذورِ بالموهبة والإبداع نلحظُ دِلالات شُبه مؤكَّدة عليها، وفيما يلي غيض منْ فيض:
• قلّة المرصود من الميزانيّة السنويّة المخصَّص لخِدمات الرِّعاية لدى الإدارات والمراكز والأقسام المعنيّة بالموهوبين؛ بدواعي الأزمة الماليّة وإعادة ترشيد الإنفاق العام.
• عزوف طلبة الدِّراسات العُليا عن ولوجِ تخصُّص الموهوبين في الجامعاتِ المعتمدة؛ لضيقِ مسَارات التَّوظيف بعد التَّخرُّج.
• ضعف مستوى نسبة ليْست بالقليلةِ من طلبة الماجستير والدُّكتوراه تخصص الموهوبين على مستوى المنهجيّة البحثيّة والمادة العلميّة.
• تبؤُّ عدد مِمَّنْ ليْسوا أهلًا لقيادة دفّة المؤسَّسات المعنيّة بالموهوبين إداريًّا وأكاديمًّا، ظنًّا غيرَ مبرِّر بأنَّ النَّجاحَ في مكانٍ ما حتمًا يؤدِّي إلى النَّجاحِ في مكان آخرَ.
• توظيف مِمَّنْ ليْس لديهم تخصُّصات جامعيّة أو خبرات تراكميّة في الموهبة والإبداعِ بقوَّةِ (الوَاسِطة) في مفاصل المؤسَّسات المَعنيّة بالموهوبين.
• انفتال حبل التَّواصل الإيِجابي المبْنيّ على التَّفاهُم والمصالح المشتركة بين المدارس والمؤسَّسات المعنيّة بالموهوبين بشكلٍ جعلَ كلَّ طرفٍ يتلهَّف للعمل بشكلٍ منفصِل وتحقيق نجاح فرديّ.
• توجُّس بعض الشُّركاء الدَّاعمين بمختلف فئاتهم من جدوى برامج الموهوبين التَّقليديّة ومشروعاتها المتكرِّرة والَّتي لم تقوَّم بشكلٍ يُجبِرُهم اختياريًّا على مواصلةِ الدَّعم ماديًّا أو أكاديميًّا أو لوجستيًّا.
• غياب القوانين والتشريعات الضامنة لاستمراريّة تقديم خِدمات الرِّعاية للموهوبين وإنْ تغيَّر أصحاب القرار في الهرمِ التَّعليمي.
• نوع وشكلِ المحتوى المقدَّم للطلبة الموهوبين كمعرفة ومهارة واتّجاه وقيمة دونَ مستوى حاجاتهم الفعليّة، وأقلّ قدرةً على تلبية متطلّباتهم المتنوِّعة. 
• تسليط الضُّوء على مجالات موهبة مُحدَّدة لسنواتٍ، وإبقاء مساحات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، وترك الآخر من مجالات القدرات الإبداعيّة والاهتمامات المتفرِّدة لاجتهادات المدارس ومجهودات الأسر وأولياء الأمور.
• إلى الآن أغلب دولنا الخليجيّة والعربيّة لم يستحدثوا وظيفة معلم الموهوبين ضمن هيكل الوظائف في المدارس بمختلف مراحلها التعليميّة، ولم يعطَوْنَ منَ التفرُّغ لأداء مهامِّهم بشكلٍ جدِّي.
• لم تعد المؤتمرات والملتقيات المرتبطة بالموهبة والإبداع -رُغم قلّتها- جاذبة للباحثين ومشجِّعة للمتخصِّصين ومحفِّزة للمهتمِّين.
• تراجع نسبة عدد الكتب المنهجيّة والدِّراسات الأكاديميّة والمقالات العلميّة المرتبطة بمجال الموهبة والإبداع مقارنةً بما كانت عليه خلال القرن العشرين، وتلمّسها لموضوعات وقضايا متداولة ومُسْتَهلكة. 
وغيرها من مؤشِّرات التَّراجُع الخطير لميدان الموهبة والإبداع في إطاره المدرسي والمؤسسي الحكومي وشبه الحكومي والأهلي.
وها نحنُ سنستقْبِل مناسبة خليجيّة يوم غدٍ (3 مارس، اليوم الخليجي للموهبة والإبداع) وهي فرصة لإبقاء وميض الاهتمام بالموهوبين مرَّات أخرى، وتلافي التغافُل غير المُبرَّر والانشغال غير المحمود.
ومع ذلك، فهناك جهود مستمرّة مشكورة تقاوم العقبات وتواجه التَّحديات، وهناك نجوم تتلألأ بين الحين والآخر في سماءٍ جلّها مُظلِم مع إمكانيّة واقعيّة لإضاءتها.
(فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ).

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية