يُحاسب العامل على غيابه في أثناء العمل، وحتى على تأخيره أيضاً، هذا العامل الذي وقع عقده مع صاحب الشركة ووافق على جميع الشروط والالتزامات، كما وافق على جميع الحقوق والواجبات المترتبة له وعليه، وهو على دراية بذلك.
في العمل التطوعي، ليس من عقد رسمي يلزم الأطراف، غالباً ما تكون العقود كلماتنا التي تصدر منا، وأفعالنا التي تصدر عنا، ومدى التزامنا بالأعمال التي توكل إلينا، أو التي نقوم بالتصدي لها.
التزاماتنا، مواثيق شرف نتعهد بها أمام أنفسنا لننجزها بأفضل صورة، والفرق كبير، بين أن نلتزم وفق بنود رسمية قد تنتهي بانتهاء المهمة ورابط العلاقة مع الأطراف، وبين أن نلتزم بمحض إرادتنا وفق قناعة ذاتية وهدف يسمو على جميع الروابط بين الأفراد والجماعات، هدف ينبع من رسالة وعطاء ومحبة.
هذا الفرق، يتجسد في العطاء الذي يتميز به كل متطوع، فقد نذر هذا المتطوع نفسه لخدمة الآخرين وتقديم العون والمساعدة لهم، وكان الدافع الداخلي هو الأساس الذي من أجله التحق بهذه المجموعة التطوعية وتلك، وما كان لأحدٍ أن يجبر أحداً على دخول مجال لا يجد نفسه فيه، ولا يجد متعته وشغفه في تفاصيله.
المتطوع، مخلص في هدفه، هذا ما اعتدنا ودأبنا في تلقيه كونه من أبجديات العمل التطوعي، والمتطوع، يسعى جاهداً لتنفيذ التزاماته بالقدر المطلوب إن لم يكن أكثر من المطلوب، ولكن ما يمكن أن نسلط عليه الضوء وإثارته، ماذا لو تعارض حب التطوع مع التقصير في الالتزامات ؟!
هل يجدر بنا فقط، أن نبقى مع المجموعة دون عمل، كأن نقول “ريحته ولا عدمه”، أو نبقى فقط لنكمل صورة الهيكل الإداري ونزيد من الأعداد الوهمية، كأن نكون ممثلين لدور “مزهرية الورود” التي تجمّل الصورة و”ديكور” المكان لا أكثر، أو نعترف بتقصيرنا ومع ذلك نبين لأنفسنا حب العمل التطوعي بالقول فقط.
يمكن للعمل التطوعي، أن يكون أكثر تنظيماً، لو التزمنا على الأقل بالحدود الدنيا التي رسمت الالتزام الأدبي المترتب بين الأفراد والمجموعات والمؤسسات، غير متناسين مشاغل الحياة الكثيرة التي قد تحد أو تسلب القدرة على المشاركة والحضور التطوعي باختلاف أنواعه.
لا شك، ودون منازع، تأخذ دورة الحياة من أوقاتنا الكثير، بين دراسة ووظيفة والتزامات عائلية وأعمال حرة والأسباب كثيرة التي تجعل من التطوع هامشياً وربما معدوماً لدى بعض الأشخاص، الذي بالكاد يفكر الفرد أن يساهم مادياً لبعض المحتاجين، ويتغافل عن الدور المجتمعي المهم من جانب آخر.
الحديث عن المحاسبة والجزاءات التنظيمية في العمل التطوعي بهدف التحفيز، أمر وارد، وأعتقد أن من يصل لهذه المرحلة، تجده قد وصل إلى مراحل متقدمة في “احتراف” العمل التطوعي، ويدعو ذلك، إلى التأكيد على قوة وصلابة هذه المؤسسة التي تنتهج هذا المسار في التعامل مع أعضائها المتطوعين، للوصول إلى عمل محترف قائم على تعزيز الإنتاجية الكبيرة والاستفادة القصوى من درجات تحقيق الأهداف.
نقطة أخيرة، ليس من لائمة على المشغولين والمنشغلين، وربما المنقطعين عن العمل التطوعي لسبب ولآخر، ولكن، من يبادر في الدخول بإرادته في هذا المجال حباً وتقديراً منه، عليه أن يلتزم بدوره ما لم تكن هناك عوائق تحول دون التزامه.
صادق أحمد السماهيجي
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |