+A
A-

رمضان بصحافة زمان: الشياطين مربوطة وما في لعب ورق ودامه و”خرابيط”

يسود حياتنا نظام يبعث على الطمأنينة والأمن، ونستقبل رمضان بنفوس عامرة بالإيمان مترفعة عن الدنيا، ولكن وكما يقال لكل زمان رجاله وظروفه، وهناك بكل تأكيد فروق مختلفة بين وقتنا الحاضر والماضي، لا يمكن أن نقول ونعدهما عالمين منفصلين تماما، بل الصلة قوية بين العالمين ولكن حتما هناك مفهومات وتصنيفات جديدة.

في تقريرنا التالي نستعرض “رمضان في صحافة زمان”، وكيف كان الناس يستقبلون الشهر الفضيل، وطبيعة الأسئلة التي كان يطرحها الصحافيون، علما أن التقاليد والعادات لم تتغير بأفقيها الزماني والمكاني.

وما يلي تحقيق نشر في مجلة “هنا البحرين” العدد 226 نوفمبر 1970 رمضان 1390 هجرية، مع الصور المرفقة.

المقدمة

رمضان يعود، ومع عودته تستعاد الذكريات، فالزمن مواصل مسيرته، وبين رمضان ورمضان يتغير مجتمع نحو تطور أو تدهور، وليس هذا بمستبعد، وتندثر عادات وتقاليد أو تكاد، ويسدل ستار الموت حاجبا عنا أحباء كانوا قرة لعیننا ولنفوسنا مسرة.

ويطرق باب قلوبنا ضيوف أعزاء، مواليد يهبهم القدر عل فيهم السلوى. رمضان يعود وعودته على المسن أثر مدعاة لاستثارة ذكرياته، وكلما طال به العمر كلما ازدحم سجل الذكريات. ومع عدد من المسنين الأفاضل كانت هذه السوالف وكان هذا اللقاء مع الماضي، وله في حاضرنا آراء ووجهات نظر.

رمضان “إلين هل)”

تلك كانت استعداداتهم لاستقبال رمضان فاذا هل هلاله كان لهم معه شأن.

يحدثنا عنه سعود بن عبدالعزيز قائلا: رمضان “إلين هل” عمرت المساجد والناس يتزاورون كل واحد يبارك لرفيقه بالشهر، تقول كأنه العيد هل عليهم.

وطول شهر رمضان بيوت التجار مفتوحة للفقراء والمحتاجين مو مثل هالأيام، والمجالس مفتوحة للذكر وقراءة القرآن طول الشهر.

ليالي رمضان

وسألت: كيف كان الليل يمضي بكم في مجالسكم؟ فحدثني حسن سليم:

طول ليالي شهر رمضان المبروك كان الناس يجتمعون في المجالس مثل ما قلنا لك ويدرسون القرآن الكريم، واحد يقرأ والباقي يسمعون بخشوع. وبعد قراءة القرآن تدور السوالف عن الغوص والبحر والبحاحير، مثل “آنا قطعاني هالكثر وقطعان ذاك هالكثر”.

لقاء المسحر

وفي لقاء مع المسحر يقول “أنا شغلي بوطبيلة، كان أبوي يشتغل ناطور، هو يحرس أموال الناس وأنا أطبل لهم حق السحور”.

وعن متاعبه يقول: ما في شغلنا تعب. أنا تعودت عليه الحين، لكن الشيء اللي يضجرني هو الكلاب، الواحد منا يكون ماشي في أمان الله، يهلل ويكبر والطبل يرن، ما توعى إلا الهجمة عليك والنباح.. وين تروح عاد. إن ركضت تمو الناس راقدين بدون سحور، وإن وقفت مشكل.. هذي كلب، وفي الليل ما يلاعب. امسك العصا اللي في يده (الكلام للمحرر) قائلا: “عليك بهذا المشعاب، اضرب ضربتين على الطبل وضربة على رأس الكلب”.

الشياطين مربوطة

وكان اللقاء مع مجموعة من الأطفال. حدثوني بمرح عن ألعابهم في رمضان.

نلعب “الخشيشه، والصعقير“ طول ليالي رمضان. كل ليلة لعبة.

ومستفسرا: ولماذا في الليل فقط؟ فجاءني جواب أحدهم ببراعة: لأننا نخاف من الشياطين في الظلام. ولكن شهر رمضان الشياطين مربوطة، وما في خوف من لعبنا في الظلام.

مجالس رمضان

دار حديثنا أول ما دار مع مجموعة من الرجال المخضرمين الذين عاصروا جيلين، كان الكل منهم يتحسر على أيامه الماضيات (الغني کان يعطف على الفقير مو مثل هالأيام، موائد الإفطار مفتوحة للجميع والمجالس عامرة بالناس الطيبين).

وتجر كلمة المجالس سؤالا عما يدور فيها.. فيحدثني عبدالرحیم وهو صاحب دكان بقوله: المجالس هي عبارة عن دور تفتح أيام وليالي رمضان يجتمع فيها الناس يقرأون القرآن ويتحدثون عن الحياة والبحر وكانت تجمع الغني والفقير. وكان حتى البخيل يتخلى عن بخله في رمضان ويدعو الفقير لمائدته.

ويضيف علي بن سلامة إلى قول زميله: ليس هناك حرج في أن تدخل تلك الجالس وتتناول إفطارك دون دعوة.

تلك كانت صورة لرمضان في بداية السبعينات كما نقلتها مجلة “هنا البحرين” ومع أنها حياة بعيدة عنا، إلا أن العادات والتقاليد لم تتغير بوصفها قانونا جميلا في حياتنا كأهل البحرين.