+A
A-

سيار بخيل بالكتابة عن نفسـه محبـا لوطنـه ولغيـره

أحيا مركز الشيخ إبراهيم بن محمد للثقافة والبحوث أمسية من عالم آخر عن عميد الصحافة البحرينية الراحل علي سيار تحت عنوان “علي سيار في ذاكرة الوطن” قدم ورقتها الكاتب والباحث كمال الذيب، وبحضور عدد من السفراء والكتاب والسياسيين، ورجال الإعلام والثقافة.

وألقت في بداية الأمسية رئيسة المركز، الشيخة مي بنت محمد آل خليفة كلمة تعبيرية جميلة أكدت خلالها استمرار المركز في أداء واجبه الثقافي في إبراز الشخصيات ذات الأثر في التاريخ البحريني، مؤكدة بأن سيار من الشخصيات التي لا تنسى والتي ستظل حاضر معنا وبيننا. وعبر الكاتب إبراهيم بشمي في كلمة له، عن ضرورة احتضان تاريخ الصحافة البحريني العريق، عبر تأسيس متحف شامل ومتنوع، يحتضن محطات التحول المختلفة وتطورها، مثمنا دور الراحلين علي سيار ومحمود المردي في وضع الأطر العريضة التي تسير عليها الصحافة البحرينية اليوم.

كما القى ابن الفقيد الراحل، وائل علي سيار كلمة استذكر فيها يوميات والده ومبادئه الثابتة في البيت وبين الأسرة، لاقت استحسان وتقدير من جمع الحاضرين.

مسيرة نصف قرن

بدوره، أكد الكاتب كمال الذيب حظوة الراحل علي سيار خلال حياته الصحفية باهتمام كبير، ففي العام 2003 بيت عبدالله الزايد لتراث البحرين الصحفي، أو كتاب يحمل ملخصا لرحلة علي سيار في الكتابة، بعنوان (رحلة قلم الأحلام والأوجاع) غطى جزءا من تجربته في صدى الأسبوع من 1969 وحتى 1979.

وزاد الذيب “في المقابل، كتب علي سيار عن كل شيء تقريبا، أكثر من نصف قرن، في القافلة، في الوطن، في صدى الأسبوع، ثم في أخبار الخليج، قبل أن يتوقف. كتب عن الاخرين، ولكنه كان بخيلا في الكتابة عن نفسه، لأنه كان يعتقد أنه لا شيء أثقل على النفس من الحديث عن النفس”. وتابع “ولأنه كان يعرف من واقع خبرته في الكتابة كم هو ثقيل على القارئ أن يتقبل مثل هذا الحديث. ولأنه كان مشغولا طوال الوقت بالكتابة عن الناس وعن الأمة التي يحملها في قلبه. والثلاثية التي شكلت الجانب الأكبر من التجربة الصحافية لعلي سيار “القافلة” “والوطن” و”صدى الأسبوع”، مثلت أحد أهم الروافد التي صبت في النهر الكبير الذي نعيش على ضفافه اليوم، ولذلك فإنها لم تكن صرخة في واد، ولا مجرد مغامرة من دون معنى، بل كانت جزءا لا يتجزأ من العمل التنويري السياسي والاجتماعي والثقافي عبر العقود الماضية في خدمة هذا الوطن وأهله”.

صدى الأسبوع

لحظات من الصمت، قبل أن يتابع الذيب” أذكر هنا، أنه وبمناسبة الاحتفال بمرور 20 سنة على تأسيس صدى الأسبوع، وتحت إلحاح الجميع، حاول علي سيار كتابة جانب من سيرته مرارا من دون جدوى (نشر منها عشر حلقات فقط بين العامين 1990 و1991، مدفوعا باعتقاد بأنه يقدم للقارئ، بعضا من بوح الذاكرة بما هو انعكاس لاهتمامات جيل خاض معركة التأسيس والبناء، وقادته الآمال والأحلام، الى المشاركة في صياغة وجوده وهويته، وخوض العديد من المعارك من دون أن تثنيه الإحباطات عن مواصلة رسالته الإعلامية”. ويكمل “باختصار لقد كان دوما يكتب بعض الصفحات التي لم تتجاوز الحديث عن مرحلة الطفولة، ويضطر للتوقف لأنه يجد نفسه ينشغل مجددا بالناس، وبالأحداث الجسام. وحتى عندما كتب عن الذات قليلا يجد نفسه متحدثا عن التاريخ الثقافي والسياسي والاجتماعي للبحرين، وعن تلك الحقبة التاريخية القلقة، بكل تضاريسها وهمومها وأفراحها وأحلامها التي تحقق منها بعض ما كان يشعره بقدر كبير من الرضا وبأن العمر لم يذهب هباء”.

محطات التحول

يقول الذيب “في حياة علي سيار ثلاث تجارب صحافية، كل واحدة منها، تستحق التوقف عندها، ولكنها جميعا تؤكد أن مدرسة علي سيار الصحفية كانت ترتكز على القارئ الذي لا يبحث في الصحيفة عن أمجاد رئيس تحريرها أو عن أي أمجاد صحفييها وكتابها”.