+A
A-

الأمين: نحتاج لكتاب تعليمي يحول التعاليم الدينية لثقافة عالمية ترسخ التعايش بين الشعوب

((تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الالكترونية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية ، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الاشارة للمصدر.))

 

ضمن مشاركته القيّمة في فعاليات الطاولة المستديرة الدولية للأعمال والحرية الدينية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (المينا)، والتي أقامها مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي في البحرين، بحضور كوكبة من رجال الأديان الداعين للسلام من مختلف الأطياف والمذاهب والأعراق، قدم السيد علي الأمين كلمة تركت أثرا طيبا في النفوس، وأثلجت صدور كل من حضر وشارك في المنتدى، بفضل ما حملته من معان سامية أساسها الوسطية والاعتدال في تقبل الآخر المختلف والتسامح مع الجميع على اختلاف مشاربهم، لتكون جوهر عمل الطاولة المستديرة وهدفا رئيسا في احتضانها بالمنامة أرض التسامح والتعايش السلمي هذا نصها:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الرسول الأمين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وعلى جميع عباد الله الصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.

هذا المؤتمر الذي يجمع قيادات دينية متنوّعة من مختلف الديانات والثقافات للبحث عن أوجه المقاربة بين الحريات الدينية وبين وجوه الإزدهار والتّقدّم في المجتمع، وقد ذكرني هذا العنوان بقول الشاعر:

-ما أحسنَ الدينَ والدنيا إذا اجْتَمَعَا

/‏لا بارك الله في دنياً بلا دينِ

ولا شك بأن للدين دوراً إيجابياً في عملية الإزدهار التي تسعى إليها المؤسسات العاملة، لأن الدين يعتبر مصدراً للقيم الروحية والأخلاق الإنسانية التي يحتاجها العمل في نجاحه، والدين هو الذي يدفع باتجاه التعارف والتواصل بين الشعوب والأمم، كما في قول الله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) فالدين يقول للبشر بأن أصلكم واحد، وهذا التنوع الموجود بينكم ليس لامتياز لبعضكم على بعض، وليس للانغلاق، بل هو للتعارف الذي ينبثق عنه التواصل والعلاقات الثقافية وغيرها.

وفي العهد القديم: (خلق الربّ الإنسان من الأرض) وفي النصوص الدينية عندنا: (كلكم لآدم وآدم من تراب). وفي الإنجيل (كل ما تريدون أن يعاملكم الناس به فعاملوهم أنتم به،هذه خلاصة تعاليم الشريعة والأنبياء).

فالإيمان له بعدان، أحدهما يتجلّى في علاقة الإنسان بربه، والبعد الآخر يرتبط بعلاقة الإنسان مع غيره، وخلاصة تعاليم الشريعة والأنبياء أن تعامل غيرك كما تحب أن يعاملك، أنت تريد منه الصدق، وتريد منه الإخلاص في العمل، وتريد منه الإعتدال، وتريد منه السلام وعدم العدوان، وتريد منه الحريّة وفعل الخير والإبتعاد عن الشر، وهذا يعني أن تعمل أنت أيضاً بهذه الأمور، كما ورد في النص الديني عندنا أيضاً: (أحبب لغيرك ما تحب لنفسك).

وهذه التعاليم تعني أن الدين ليس من عوامل الفرقة بين الناس، فلا إكراه في الدين، وهو يسعى لتزويدهم بمنظومة من القيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية ترسخ العلاقات السلمية بينهم، فإن الأمم هي بالأخلاق كما قال الشاعر:

وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت/‏

فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا

فالدين ينظر إلى الجانب العملي من الإيمان، وهو الذي يتعلق بالعلاقة مع الإنسان الآخر، كما جاء في النص الديني (الخلق عيال الله، وأحبهم إليه أنفعهم لعياله).

ونحن في كلماتنا تحدثنا عن التعاون والتواصل وعن الحريات الدينية، وعن رفض الكراهية والتمييز، وعن الحقوق التي يجب احترامها، وكما قال الشاعر:

ما دمت محترماً حقي فأنت أخي/‏

آمنت بالله أم آمنت بالحجرِ

ولكن كل هذه الأفكار الجيدة التي تبعد مجتمعاتنا عن الانقسامات والنزاعات تحتاج إلى تقنين، نحتاج إلى قانون دولي يلزم بالحريات الدينية ويجرم خطاب الكراهية والتمييز، ونحتاج إلى الكتاب التعليمي الذي يتضمّن تلك التعاليم ويحولها إلى ثقافة عالمية تحملها أجيال المستقبل وترسخ التعايش السلمي بين الأمم والشعوب. وبدوره، أشاد رئيس مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة بما جاء في كلمة الأمين، مؤكدا أن الفكر المعتدل يمثل خير نبراس ليعم السلام والوئام بني البشر بمختلف شعوبهم ومجتمعاتهم، ويصب في صميم أهداف مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي الذي تأسس انطلاقاً من رؤى صاحب الجلالة الملك في تعميم تجربة البحرين الريادية لنشر قيم التسامح والتعايش السلمي لمختلف اقاليم وبلدان العالم.