+A
A-

“صيف البحرين” موسم لسياحة ثقافية مستدامة

لأحد عشر عاما متواصلة، لا يزال مهرجان “صيف البحرين” يحافظ على مكانته كموسم ثقافي أساسي في برنامج هيئة البحرين للثقافة والآثار السنوي، حيث تنظمه الهيئة منذ العام 2009 في إستراتيجيّتها القائمة على تأسيس بنية تحتية لسياحة ثقافية تضم وجهات متعددة على مدار العام. وفي نسخته للعام 2019، يتزامن المهرجان، الذي يقام بدعم وتعاون كامل من مؤسسات خاصة وعامة، مع برنامج هيئة الثقافة للعام، والذي يحتفي بالمنجزات الحضارية والإنسانية لمملكة البحرين بعنوان “من يوبيل إلى آخر”. وشيّدت الهيئة للمهرجان خيمة فعاليات خاصة بجانب قلعة الشيخ سلمان بن أحمد الفاتح في مدينة الرّفاع، بما يعكس حرصها على ربط برامجها بالإرث الحضاري البحريني والمساهمة في تعريف زوّار مهرجاناتها من مواطنين ومقيمين وسيّاح بهذا الإرث الإنساني العريق.

وقالت رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي بنت محمد آل خليفة: “إدراكنا بأن صناعة السياحة الثقافية ترتكز على التراث الثقافي المادي وغير المادي، ساهم في تركيز جهودنا على توفير وجهات لسياحة نوعية، وهي سياحة ثقافية مستدامة”، موضحة أن الهيئة تحرص على تقديم فعاليات وأنشطة ذات جودة عالية ساهمت في استقطاب المزيد من الزوّار إلى المواقع والأماكن الثقافية حول البحرين.

وأضافت: “انطلقنا بمهرجان صيف البحرين منذ العام 2009، إذ أردنا عندها تفعيل قطاع السياحة الذي كان تحت مظلّة الوزارة، فجاء المهرجان ضمن رؤية لتثبيت سلسلة من المواسم الثقافية المستدامة التي أصبحت جزءا مهما من جذب الزوّار إلى البحرين”، مؤكّدة أن الهيئة أسست لمواسم متنوعة تمتد على مدار العام، كمهرجان ربيع الثقافة ما بين فبراير وأبريل من كل عام، احتفالات الأعياد الوطنية خلال ديسمبر من كل عام، إضافة إلى مواصلة الهيئة العمل على الارتقاء بمواسم ثقافية عريقة كمهرجان التراث السنوي، معرض البحرين الدولي للكتاب ومهرجان البحرين الدولي للموسيقى ومعرض البحرين السنوي للفنون التشكيلية وغيرها من المواسم.

وأكدت أن هيئة الثقافة تعمل خلال مختلف المواسم على استقطاب فعاليات متنوعة تنتمي إلى حضارات مختلفة وعملت على بناء جسور التواصل الإنساني ما بين البحرين وبلدان العالم، موضحة أن ذلك ساعد على إثراء الحراك الثقافي المحلي وتنشيط السياحة الثقافية في المملكة.

وأشارت الشيخة مي بنت محمد إلى أن المواسم الثقافية التي تقوم عليها هيئة الثقافة لم يعد دورها مقتصرا على التنوير والتثقيف والتعريف بنتاجات الشعوب الحضارية والثقافية، بل أصبحت جسورا ووسائل تواصل لتبادل الثقافات والتعرّف على الآخر وقبوله، موضحة أن ذلك من شأنه التأثير إيجابيا على المجتمعات والارتقاء بها. وأضافت: “استثمار الثقافة كوسيلة لتعزيز التنمية المستدامة لا يمكن تحقيقه بجهودنا فقط، بل نؤمن بأن مد يد التعاون إلى المؤسسات الإقليمية والعالمية والتواصل معها يحقق المزيد من المشاريع التي تعزز مكانة البحرين كمركز حضاري وثقافي عالمي”، مشيرة إلى أن البحرين أصبحت اليوم مرجعا لصناعة الحراك الثقافي في المنطقة لما تمتلكه من مقومات لتحقيق سياحة ثقافية مستدامة مرتبطة بقوة بالمكتسبات التاريخية والحضارية.

وما بين خيمة نخّول في الرّفاع والصالة الثقافية في المنامة، يقدّم مهرجان “صيف البحرين” لجمهوره تجارب مميزة قادمة من شتى أنحاء العالم لتصنع من موسم الصيف وجهة ثقافية تعزز الحراك الثقافي في المملكة، ورغم التحديات المتعلقة بالميزانية، والتي تواجهها هيئة البحرين للثقافة والآثار، إلا أنها تمكّنت من تحقيق الاستدامة في جميع مواسمها الثقافية، ومن بينها “صيف البحرين”.

وفي هذا السياق قالت الشيخة مي بنت محمد: “لا يمكن تحقيق الاستفادة القصوى من الثقافة من دون تفعيل أدواتها ووضع الخطط التنفيذية التي تساعد على الوصول إلى أهدافها في الارتقاء بالمجتمعات، وإن أدوات العمل الثقافي بحاجة إلى ميزانيات مستدامة”، مشيرة إلى أن مهرجان صيف البحرين تمتّع خلال سنواته الأولى بميزانية تتناسب مع أهدافه بتوفير وجهة ثقافية سياحية متجددة، إلا أنه في السنوات الأخيرة الماضية فقد المهرجان الجزء الأهم من ميزانيته، لا بل كامل الميزانية.

واستدركت بالقول: “لم نسمح لهذا التوقّف في ميزانية مهرجان صيف البحرين بالتأثير على إمكان إقامة المهرجان واستدامة الفعل الثقافي فيه، ومن خلال مشروع الاستثمار في الثقافة الذي أطلقناه منذ أكثر من عشر سنوات، تمكنّا من إقامة المهرجان هذا العام وبفضل الدعم والشراكة الحقيقية مع الأفراد والمؤسسات من القطاعين العام والخاص”.

وأكدت الشيخة مي أن مشروع الاستثمار في الثقافة عزز الشراكة ما بين الجهات المهتمة بالعمل الثقافي في البحرين وأثمر عن مشاريع بنية تحتية ثقافية وصل مجموع قيمتها إلى أكثر من 45 مليون دينار منذ تأسيس المشروع. وأوضحت أنه ساهم في تعزيز التكامل ما بين القطاع العام والخاص وقطاعي الثقافة والسياحة من خلال المشاريع الثقافية المستدامة إضافة إلى دوره في تعزيز الدور الثقافي البحريني على خارطة العمل الثقافي الدولي.