+A
A-

تلوث الهواء قد يجعلنا أكثر ميلا لارتكاب الجرائم

تخيل أن تبدأ الشرطة ووحدات مكافحة الجريمة في مراقبة مستويات التلوث في المدن وتكثف انتشار قواتها في المناطق التي تتوقع أن يصل فيها تلوث الهواء إلى أعلى مستوياته.

قد يبدو هذا المشهد كأنه مقتبس من أحد أفلام الخيال العلمي، لكن نتائج أبحاث حديثة تشير إلى أن هذا الإجراء قد يصبح جديرا بالدراسة مستقبلا.

إذ ربطت دراسات أجريت مؤخرا بين تلوث الهواء وبين تدهور القدرات المعرفية وعدم القدرة على اتخاذ القرار الصحيح وزيادة مخاطر الإصابة بالاضطرابات النفسية وتدني التحصيل الدراسي، والأخطر من ذلك، ارتفاع معدلات الجرائم.

لا شك أن هذه النتائج تدق ناقوس الخطر، إذ يعيش الآن أكثر من نصف سكان العالم في المدن، ويتنقل أكثرنا يوميا عبر طرق مزدحمة. وذكرت منظمة الصحة العالمية أن تسعة من بين كل 10 أشخاص يتنفسون هواء يحتوي على مستويات عالية من الملوثات. في العام 2018، أجرى فريق روث البحثي تحليلا لسجل الجرائم والجنايات في 600 دائرة انتخابية بلندن، ولاحظوا أن ارتفاع مستويات التلوث اقترن بزيادة في عدد الجنح والمخالفات، في المناطق الغنية والفقيرة على السواء. وفي نفس الدراسة، راقب الفريق سحابة من الهواء الملوث لرصد تأثيرها على مناطق معينة على مدار أيام. ومن المعروف أن السحب تنتقل من منطقة لأخرى بحسب اتجاه الريح. ويقول روث: “تعقبنا هذه السحابة يوميا وتابعنا مستويات الجرائم في كل منطقة تصل إليها هذه السحابة من الهواء الملوث، ولاحظنا بالفعل أن معدلات الجريمة كانت ترتفع في المناطق التي تغطيها هذه السحابة”.

والأهم من ذلك، أن مستويات التلوث المعتدلة أيضا، التي تصنفها وكالة حماية البيئة الأميركية بأنها معقولة، أدت إلى زيادة معدلات الجرائم.

وخلصت دراسة أخرى أجراها فريق بحثي بقيادة جاكسون لو من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، حلل فيها بيانات من سجلات جميع مدن الولايات المتحدة تقريبا على مدى 9 سنوات، إلى أن تلوث الهواء كان مؤشرا على ارتفاع معدل ارتكاب الجنايات والجرائم الخطيرة، مثل القتل الخطأ والاغتصاب وحوادث السطو وسرقة السيارات والاعتداءات. وسجلت أعلى معدلات الجريمة في المدن الأكثر تلوثا.