+A
A-

أسامة معين... البحرين أعطتني وطنا

- ولدت ونشأتُ في الكويت لعائلة فلسطينية الأصل

- بدأت العمل في بورصة لندن 1984 بوظيفة “Boy”

يؤمن بأن من يحبه الله يعيش في البحرين؛ نظرًا لأن المملكة احتضنته وعاش فيها أجمل أيام حياته، ولم يشعر فيها بالغربة، بل بالعكس أحس بالترحاب من الناس، وكأنه واحد منهم، ويقول إن “البحرين أعطتني وطن”. كما يرى أن البحرين استطاعت أن تستقطب رؤوس الأموال وتحتضنها وتعمل على تنميتها وازدهارها؛ نظرًا لبيئتها المهيأة لجذب الاستثمارات وتقديمها المساندة اللازمة لرجال الأعمال والشركات الأجنبية.

ضيفنا اليوم واجه الكثير في حياته من التحديات، وهو ينهي العقد الخامس من العمر قريبا، يؤمن أن الإنسان إذا لم يواجه تحديًا في الحياة لا يمكن أن ينجح، فالتحدي والإصرار هو الذي يؤدي إلى النجاح، ولكن ليس التحدي الذي يؤدي إلى اليأس والفشل، فدائمًا هناك أشخاص يؤدي بهم التحدي إلى النجاح؛ لأنهم يعتبرونه نقطة الانطلاق لإثبات الذات، والوصول إلى الطريق الصحيح، ولا يمكن أن يقود التحدي لنجاح إلا إذا كان يحفه الإيمان، فالله قرن الإيمان باليقين، فيجب أن يكون الإنسان متيقنا أن الله سيرزقه، لذلك أي قصة نجاح يجب أن نحمد الله عليها؛ لأنها تكون هبة وفضل من سبحانه وتعالى. إنه رجل الأعمال أسامة محمد معين الذي قدم إلى البحرين مع أسرته منذ 22 عامًا، وعمل بالعديد من المؤسسات البنكية والاستثمارية، ثم أصبح الرئيس التنفيذي لمؤسستين استثماريتين. “البلاد” التقت معين وحاولت سبر أغوار نجاحه. وفيما يلي إفاداته في الحوار:

-  البحرين متطورة أكثر ربما من الدول الأغنى منها

- عملت بجزر أمواج وهي أول خبرتي بالاستثمارات العقارية

الدراسة والنشأة

ولدت ونشأتُ في الكويت لعائلة فلسطينية الأصل، وكانت عائلتي من أوائل العائلات التي سكنت الكويت، وعمل والدي - رحمه الله - مهندسًا في وزارة الصحة الكويتية حتى تقاعد وتوفاه الله.

تخرجت في مدرسة عبدالله السالم الصباح، وكنت من الطلبة المتميزين فيها، ثم سافرت إلى القاهرة لمواصلة الدراسة ولم أعمل بالمهنة التي تخرجت فيها، ومن ثم سافرت إلى لندن واستكملت دراستي بها كما كنت أعمل في العلوم المصرفية وأسواق رأس المال.

بداية العمل في لندن

بدأت العمل في بورصة لندن في العام 1984، كانت الوظيفة يطلق عليها (Boy)، حيث كان هناك أجهزة كمبيوتر حديثة نقوم بنقل أوامر الشراء والبيع داخل البورصة باليد من محطة استقبال إلى مسرح عمليات البيع، وبقيت في ذلك حتى تعلمت عمليات البيع والشراء في البورصة، ثم وصلت للعمل كمتداول، وعدت إلى الكويت للعمل في غرفة التداول، ولكن لم يقتصر العمل على البورصة فحسب، فأصبحت متداولا في القطاعات المالية والآجلة والمعادن، وتخصصت أكثر في أسواق رؤوس الأموال والأسهم بالكويت حتى العام 1992.

رحلة عمل شاقة

عملت في الكويت لدى إحدى أكبر شركات إدارة رؤوس الأموال في ذلك الوقت، وهي شركة بريطانية، ثم أصبحت تابعة لأكبر البنوك الفرنسية في أواسط الثمانينات، وكنت أعمل في ذلك الوقت إلى أن داهمتنا الكارثة الكبرى التي تمثلت في الغزو العراقي الغاشم إلى دولة الكويت، وهنا اضطررت إلى الهجرة من الكويت، وهذه الحادثة بالذات (الغزو) أثرت في شخصيتي ونفسيتي ومن ثم أعطتني القدرة على التحدي والصبر، الكويت قبلها، حيث تزوجت (أب لثلاث بنات)، وكنا نتطلع للكويت كدولة قوية وكانت لؤلؤة الخليج، فالغزو لم يؤثر على الدولة ولكن أثر علينا. واضطررت إلى الخروج من الكويت بسبب مرض ابنتي الكبرى التي كانت تبلغ أقل من عام واحد بسبب التلوث وغيرها مما أدى لعدم وجود الأدوية الكافية للعلاج، فاضطرنا للخروج ولم أعد إلا في العام  زائرا 1997.

مصر محطة الانتقال الأولى... ومنها للبحرين

عانينا الكثير بعد الغزو، وعشت في مصر، وأسست شركة مع أحد أصحابي، ولا تزال تعمل، وهي من أهم شركات التدريب والاستشارات في مصر، وإذا كان هنالك شيء إيجابي شخصي كبير في هذه المأساة، فهو أنني استطعت القدوم إلى البحرين والعيش فيها منذ العام 1995. ويؤكد معين “لا أجامل عندما أقول أن من يحبه الله يأتي به إلى البحرين كي يعيش فيها، (...) لأنها تمتاز بالعمق الإنساني وترحب بالغريب ولا تنفر منه؛ لأنها دولة أصيلة وشعبها أصيل لا يستطيع أن ينفر من الغريب؛ لأنه شعب راسخ ولديه تاريخ وحضارة، فلا يهاب الغرباء، واعتقد أن الإحصاءات الدولية الحديثة تقول إن البحرين الآن أفضل دولة في العالم لاستقبال الأجانب وأكثر، دولة يستمتع فيها الإنسان غير البحريني” الزائر، وأنا لا أتحدث بناء على هذه الإحصاءات وإنما بناء على تجربة شخصية.

وصولنا البحرين

ويواصل “الحمد لله أكرمني الله وأتيت إلى بلدي البحرين، وبدأت العمل والتحدي، وعملت لدى العديد من المؤسسات البنكية والاستثمارية وحصلت على تدريبات وشهادات عديدة، وخلال مدة وجيزة أصبحت الرئيس التنفيذي لمؤسستين استثماريتين في البحرين على التوالي”.

وصلت إلى سن من الأفضل أن أعمل لنفسي ومستشارًا؛ لأنني تعلمت وعلمت ولا يمكن أن أصل إلى العمل الذي أريد أن أصل إليه؛ لأن الإنسان دائمًا يبحث عن الأفضل، والحياة تعلم الإنسان الكثير كل يوم، لكن ما أصبو إليه أن هنالك 3 أشياء مهمة في الحياة إذا نجحت فبفضلها، أولها الإيمان بالله، واليقين بأن الله هو الحافظ والرازق لكل شيء، وإذا تيقنا من ذلك، فلا نخاف من أي شيء، والأمر الثاني الانتماء للوطن وحبه؛ لأن حب الوطن والانتماء إليه يعطينا الدافع كي ننتج أكثر ونتعلم ونعلم أكثر؛ كي نستفيد ونفيد، ونعلم الأجيال التي تلينا في المناصب، والأمر الثالث هو الأسرة الصغيرة (البيت) إذا كان البيت سعيدا، فكل شيء يكون متاحا، والخلاصة دائمًا أقول لا تترك أعداء خلفك؛ لأنك لا تعرف أين تذهب بك الحياة، ودائمًا أترك أصدقاء، والحمد لله وصلت للنجاح بالحصول على آلاف الأصدقاء.

كسبت الكثير من الأصدقاء وخاصة في البحرين، فالبحرين كبلد هي الأسرة الكبيرة والبيت هو الأسرة الصغيرة بالنسبة لي، والسعادة متوازية، ويجب أن يكون الإنسان سعيدًا في بلده وبين أسرته الكبيرة وأسرته الصغيرة، ومؤمنًا أن الله سيعطيه ما رزقه.

رحلة العمل في البحرين

عملت نائب الرئيس في أحد البنوك بمجال التسويق، وغطيت المنطقة بشكل جيد، وكانت بداية نجاحي، ولا أنكر فضل رئيس هذه الشركة في البداية، وتأكدت أن مجالي الأفضل هو أسواق رأس المال والبورصة والاستثمارات الخاصة، لكن الأسهم ما تستهويني، ثم تركت هذا البنك وعملت مع مؤسسة مالية بحرينية، وأصبحت رئيسًا تنفيذيًا لفترة طويلة، وكان هناك انتعاش كبير في البورصة بين عامي 2001 و2010، إذ عملت على طرح 12 مؤسسة في البورصة عملت من خلالها أو كنت جزءا منها أو قدتها، إضافة إلى عملي في إنشاء الكثير من الاستثمارات في البحرين وخصوصًا العقارية منها، كما عملت أثناء إنشاء جزر أمواج، وهي أول خبرة لي في هذا المجال على إدراجات كثيرة بالبورصة، وأهم شيء عندما يعمل الفرد يجب أن ينظر هل هذا يصب في مصلحة الوطن والناس، فإذا كانت في مصلحة الناس والبلد، بالتأكيد سيكون في مصلحته.

البحرين

عشت في البحرين قبل الحصول على شرف الجنسية البحرينية لمدة 17 عاما لم أشعر فيها يومًا أنني غير بحريني، فأنا عشت في الكثير من البلدان العربية والأجنبية، لكن عندما كنت أركب الطائرة للعودة دائمًا أذكر اسم البلد الذي سأعود إليه فيما عدا البحرين عندما أركب الطائرة أقول إنني راجع إلى بيتي؛ لأنني اعتبر البحرين هي البيت والانتماء بالنسبة لي.

الانتماء للبلد ليس لحمل جوازها فقط، فالكثير يحمل الجواز، ولكن لا ينتمي إلى البلد، فمن يضر بلده لا ينتمي إليها، ولا يتطلع إلى مستقبل بلده الذي لا ينتمي إليها، ومن لا يربي أبناءه على محبة الوطن والانتماء للوطن والإخلاص إليه، فإنه لا ينتمي إليه.

عندما قدمت إلى البحرين قبل 22 سنة لم تكن على ما هي عليه اليوم، فقد شهدت الكثير من التطور، وهذا التطور بثقة، والبحرين متطورة أكثر من غيرها من الدول التي ربما أغنى منها، بسبب وجود أشخاص مخلصين في المملكة، كما أن القيادة ليس لها مثيل ونفخر بجلالة الملك وصاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، وصاحب السمو الملكي ولي العهد، وعندما ألتقي بأحد من القيادة أو الوزراء اسمع كلمات إشادة، فتتملكني السعادة للغاية، وإحدى القصص الناجحة أسست شركة لها علاقة بالحكومة والقطاع الخاص وإحدى المؤسسات الأجنبية هي إنشاء باخرة رؤية البحرين وتشرفنا أن صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الذي دشن الشركة والباخرة، وكان هناك تعاون كبير من وزير النفط في ذلك الوقت، وأبواب الوزراء دائمًا مفتوحة في البحرين.

وهناك العديد من المشاريع التي وضعتها بدعم من مجلس التنمية الاقتصادية و”تمكين” ولا توجد أي إعاقات وحتى لو وجدنا أشخاص يقفون حجر عثرة في طريق التطور، فلن يستمروا فيه.

بسرعة مع الضيف

ما الحكمة التي تعلمتها من الوالد؟

المرحوم والدي كان رجلا عظيمًا وتوفي في العام 1985، وتعلمت منه الكثير، أولها العزيمة وعدم اليأس، والأمر الثاني كان يقول لي إنك رأس مالي. والمال وسخ الدنيا، وتعلم دائمًا أن تكون رأس المال، والأمر الثالث أن البنت يجب أن تحصل على الشهادة حتى لو تحصل أنت عليها؛ لأنها ليست أقل من الولد. كما المغفور له شديد الطيبة إلا أنه كان عصبيًا؛ لأنه مر بمصاعب كثيرة أولها الهجرة من فلسطين، وعمل مهندسا ورغم أنه كان من عائلة غنية إلا أنه أصر على التعليم، ولذلك بعد الهجرة عمل في الكويت سنوات طويلة وأسس الإدارة الهندسية في وزارة الصحة بالكويت والإسعاف وغيرها، وكانت له الكثير من العلاقات الشخصية وتعلمت منه الكثير من الحكم.

وتعلمت من الوالدة الكثير أيضًا، إذ علمتنا المحبة والخوف من الله دائمًا، ويجب أن نخاف الله في عملنا، ثم نعمل.

من الشخصية التي أثرت في حياتك؟

الوالد المغفور له أول شخصية عملت على تكوين شخصيتي، وكل الفضل له بعد الله سبحانه. لكن في الحياة الإنسان يقابل الكثير ويتعلم أيضًا. وتعلمت الكثير من أول مدير لي عندما دخلت عالم المال والبنوك في هذا المجال.

حكمتك المفضلة؟

- ربنا قال على لسان سيدنا يونس عليه السلام: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين).

الهوايات؟

- القراءة اعتبرها مثل تناول الطعام والشراب، السفر للمتعة والتعرف على البلدان، وأهوى الإلكترونيات والتلفزيون، والموسيقى بشكل كبير جدًا.

مطربك المفضل؟

- أحب الموسيقى الكلاسيكية القديمة، والاستماع للمغنية فيروز، وماجدة الرومي، ووديع الصافي، وفريد الأطرش، ومحمد عبدالوهاب، إضافة إلى الاستماع موسيقى الجاز والسيمفونيات، وعبدالكريم عبدالقادر (بوخالد)، وطلال مداح في الخليج وغيرهم الكثيرون. كما تعلمت العزف على العود.

الرياضة في حياتك

- لا أستطيع العيش بمكان ليس فيه ماء، حياتي كلها بحر وأحب السباحة للغاية، وطعامي المفضل الأطعمة البحرية.

أول راتب حصلت عليه؟

180 دينارا كويتيا كان مبلغًا ضخمًا وأعطيته للوالد بالكامل في ظرف، ثم أعاده لي، (...) وكنت دائمًا أعطي راتبي لوالدي ووالدتي حتى توفاهما الله؛ لأنني اعتقد أن هذا حقهم.

وكان أول بونس حصلت عليه في لندن عبارة عن 3 رواتب (وكان راتبي وقتها 450 دينارا كويتيا)، فاشتريت أفخم ساعة، وكنت فرحًا بها ومازلت احتفظ بها.

أول سيارة اقتنيتها؟

- رينو 9 موديل العام 1984 بالكويت.

أسعد لحظات حياتك؟

- عند تفوق بناتي وتخرجهن، وأن يصبحن ناجحات، فابنتي الكبرى تخرجت ولديها عملها الخاص، والثانية درست علوم مصرفية والقطاع البنكي وأتوقع لها مستقبل ممتاز، والصغرى طالبة في الجامعة وتدرس موارد بشرية.