+A
A-

“الإدارية” تُعيد مديرًا تنفيذيـًا لوظيفته

ألغت المحكمة الكبرى المدنية الأولى (الدائرة الإدارية) قرارًا صادرًا من رئيس مجلس إدارة بدالة إنترنت البحرين، مضمونه إنهاء خدمات المدير التنفيذي للبدالة، المُعَيَّن من جانب رئيس الوزراء في العام 2004، وأمرت بإعادته إلى وظيفته وتمكينه من مباشرة عمله، كما أمرت بتعويضه عن راتبه الموقوف منذ صدور قرار إنهاء خدمته في شهر أكتوبر من العام 2013، ورفضت تعويضه بمبلغ 50 ألف دينار مكتفيةً بتعويضه عما فاته من رواتب طوال الفترة الماضية.

وأشارت المحكمة في حيثيات حكمها إلى أن المدعي كان قد أقام دعواه، والتي ذكر فيها أنه تم تعيينه مديرًا تنفيذيًا لبدالة إنترنت البحرين؛ وذلك بموجب قرار صادر من رئيس مجلس الوزراء في العام 2004، وقد فوجئ مؤخرًا بكتاب رئيس مجلس إدارة بدالة إنترنت البحرين بإنهاء خدمته اعتبارًا من تاريخ 9/10/2013 بقرار غير مسبّب وبالمخالفة لأحكام قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية.

وأضافت أنه تظلّم من هذا القرار إلى رئيس مجلس الوزراء، حيث استجاب سموّه لتظلمه وبناءً على توجيه سموّه، وجّه رئيس ديوان رئيس الوزراء كتابًا إلى رئيس ديوان الخدمة المدنية للعمل بما انتهى إليه كتاب نائب رئيس مجلس الوزراء نائب رئيس مجلس الخدمة المدنية من أحقية المدعى في العودة إلى عمله واعتبار خدمته متصلة، حيث إن إجراءات إنهاء خدمته جاءت مخالفة لصحيح حكم القانون.

وبتاريخ 31/12/2013، وجّه رئيس ديوان الخدمة المدنية كتابًا إلى المدعى عليه (بصفته) -رئيس مجلس إدارة بدالة إنترنت البحرين- لتنفيذ ما انتهى إليه كتاب نائب رئيس مجلس الوزراء نائب رئيس مجلس الخدمة المدنية، المشار إليه، ولكن دون جدوى.

ولهذا أقام المدعي دعواه، مطالبًا وبصفةٍ مستعجلة، بوقف تنفيذ قرار الجهة المدعى عليها بالامتناع عن صرف رواتبه والمزايا الوظيفية الموقوفة اعتبارًا من 9/10/2013، وفي الموضوع: أولاً: بإلغاء القرار المطعون عليه وتمكينه من مباشرة عمله على النحو المقرر قانونًا، ثانيًا: بإلزام المدعى عليه بصفته بدفع تعويض قدره 50 ألف دينار تعويضًا عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت به جرّاء القرار المطعون عليه مع الفائدة القانونية بواقع 10 % من تاريخ حرمان المدعي من راتبه وحتى السداد التام، مع إلزام المدعى عليه بصفته بالرسوم والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

وأفادت المحكمة في حيثيات حكمها بأن المشرع قد عدّد بموجب المادة (25) من قانون الخدمة المدنية، أسباب انتهاء خدمة الموظف، وذلك على سبيل الحصر، حيث ردها إلى أحَدَ عشر سببًا، ومؤدى ذلك، أنه متى صدر قرار بإنهاء خدمة الموظف دون توافر أحد هذه الأسباب، أو استنادًا إلى سبب غير واضح أو غير منضبط، كان القرار فاقدًا لركن من أركانه، وهو ركن السبب، ووقع مخالفًا للقانون.

وأضافته أنه من المقرر أن تسبيب القرار الإداري لا يكون لازمًا إلا إذا استلزمه صريح نص القانون، ويفترض في القرار غير المسبب أنه قام على سبب صحيح وعلى من يدعي العكس أن يقيم الدليل عليه، إلا أنه إذا أفصحت جهة الإدارة عن سبب قرارها أو كان القانون يلزمها بتسبيبه، فإن ما تبديه منه يكون خاضعًا لرقابة القضاء وله في سبيل إعمال رقابته أن يمحّصَهُ للتحقيق من مدى مطابقته أو عدم مطابقته للقانون، وأثر ذلك في النتيجة التي انتهى إليها القرار.

ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعي تم تعيينه مديرًا تنفيذيًا لبدالة إنترنت البحرين بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (54) لسنة 2004، وإذ أصدر المدعى عليه القرار المطعون عليه بإنهاء خدمة المدعى اعتبارًا من 9/10/2013 دون توافر أحد أسباب انتهاء الخدمة في شأن المدعي، على النحو السالف بيانه، وحال كون المدعى عليه غير مختص بإصدار مثل هذا القرار، بحسبان المدعي مُعين بقرار من رئيس مجلس الوزراء، ومن ثم يتعين صدور قرار إنهاء خدمته، إذا ما توافر أحد الأسباب الموجبة لذلك، من ذات السلطة المختصة بالتعيين وفقًا للمقرر قانونًا.

لما كان ذلك، فإن القرار المطعون عليه يغدو - والحالة هذه - مخالفًا صحيح أحكام القانون جديرًا بالإلغاء مع ما يترتب على ذلك من آثار.

ولفتت المحكمة إلى أنه بشأن طلبي المدعي بالتعويض وصرف الرواتب والمزايا الوظيفية الموقوفة عنه اعتبارًا من 9/10/2013، فإن المستقر عليه أن منوط مسؤولية الإدارة الموجبة للتعويض هو توافر ثلاثة أركان هي الخطأ والضرر وعلاقة السببية، وإذ خلصت المحكمة إلى عدم مشروعية إجراءات إنهاء خدمة المدعى، الأمر الذى يتوافر به ركن الخطأ الموجب لمسؤولية جهة الإدارة، وقد ترتب على هذا الخطأ ضرر للمدعي يتمثل في حرمانه من راتبه المستحق له اعتبارًا من 9/10/2013، مما يخول للمدعى حقًا في التعويض عن الضرر الذي أصابه من جرّاء هذا الخطأ، وبما لا وجه معه للتحدي بالقاعدة الأصولية التي تقضي بأن الأجر مقابل العمل ما دام أن ما يستحقه المدعي ليس أجرًا، بل تعويض حسبما سبق بيانه.

ورأت المحكمة أن أنسب تعويض للمدعى في هذا الشأن هو ما يعادل مرتبه الموقوف اعتبارًا من 9/10/2013، ولما كان في ذلك جَبرٌ لأية أضرار مادية أو أدبية تكون قد لحقت بالمدعي من جراء إنهاء خدمته، الأمر الذي لا يكون معه محل للقضاء بالتعويض النقدي المطالب به.

فلهذه الأسباب حكمت المحكمة أولا: بإلغاء قرار المدعى عليه فيما تضمنه من إنهاء خدمة المدعي اعتبارًا من 9/10/2013، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها اعتبار خدمته متصلة وتمكينه من مباشرة عمله، ثانيًا: بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعي ما يعادل مرتبه الموقوف اعتبارًا من 9/10/2013، على النحو المبين بالأسباب، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت المدعى عليه المصروفات ومبلغ 20 دينارًا مقابل أتعاب المحاماة.