+A
A-

اقتصاديون ورجال أعمال: الخطط الديناميكية للحكومة تقود لتنويع الاستثمارات

أكد رجال أعمال واقتصاديون وجود بوادر جديدة لجذب استثمارات داخل البحرين وخارجها مما يصب في المنفعة العامة للبلاد، في ظل الجهود الحكومية التي تتركز على توسيع دائرة الاستثمارات والتعاون الاقتصادي عالميًا وإقليميًا، مشيدين في ذلك بتوجيهات رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة التي أكدت أن الحكومة قرنت التوجه نحو توسيع دائرة الاستثمار والتعاون الاقتصادي إقليميًا وعالميًا بسياسات فاعلة لتطوير البنية الاقتصادية والاستثمارية، وجعلها أكثر مواءمة لمتطلبات المستثمرين وجاذبة لهم.

وأشاروا إلى أن سموه دائما ما يعتبر الاقتصاد عصب التنمية وشريانها الرئيس، وهذا ما جعل الحكومة تصوغ إستراتيجيتها وخططها الاقتصادية لتكون أكثر ديناميكية؛ لضمان أن تحصل التنمية دومًا على احتياجاتها للانطلاق نحو آفاق أوسع وأشمل.

وأضافوا أن سمو رئيس الوزراء وهو الراعي الأول للتنمية والاقتصاد يركز توجيهاته بربط النمو والمشروعات باحتياجات الناس، ليكون تأثيرها مباشرا على مفاصل الحياة بالنسبة لهم، الأمر الذي يؤكد أن المواطن البحريني صاحب الأولوية في برامج الحكومة.

يأتي ذلك في وقت بلغ فيه معدل النمو في القطاع غير النفطي للاقتصاد البحريني 4.4 % في الربع الأول من العام 2017، بعد أن كان 3.7 % خلال 2016، وفقًا لآخر الإحصاءات والأرقام المنشورة في التقرير الاقتصادي الفصلي الصادر عن مجلس التنمية الاقتصادية. هذا النمو مدفوع بأداء قوي في القطاع غير النفطي الخاص، إذ برزت حزمة المشاريع الكبيرة في البنية التحتية؛ كونها أبرز العوامل الداعمة لزخم القطاع.

ووفقا لبيانات المجلس توسع الاقتصاد البحريني بالأشهر الثلاثة الأولى 2017 بنسبة 2.9 %، تماشيًا مع وتيرة نمو بلغت 3 % تم تسجيلها في 2016، كما نما الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بمعدل 10.4 % سنويًا.

ويرجع الزخم في القطاعات غير النفطية في البحرين على المدى القصير إلى المستوى غير المسبوق من الاستثمارات التي تشهدها المملكة في مشاريع البنية التحتية.

ومن أهم هذه المشروعات خط الإنتاج السادس في شركة “ألبا” بقيمة استثمارية بلغت 3 مليارات دولار - بهدف إنشاء أكبر مصهر للألمنيوم في العالم، ومشروع توسعة مطار البحرين الدولي بقيمة 1.1 مليار دولار ومحطة غاز جديدة تابعة لشركة “بنا غاز” بقيمة 335 مليون دولار، إضافة إلى مشروع بناء جسر الملك حمد.

وشهدت المشاريع التي يتم تنفيذها ضمن برنامج التنمية الخليجي زيادة إضافية في قيمتها الإجمالية، إذ بلغت القيمة الإجمالية لتلك المشاريع التي بدأ العمل فيها بحلول الربع الثاني 2017 نحو 3.2 مليار دولار، أي ما يعادل زيادة بنسبة تصل إلى 111.3 % مقارنة بعدد المشاريع النشطة من الربع الأول 2016. وشهدت المملكة خلال الربع الأول 2017 تسجيل 3798 مؤسسة وشركة جديدة وذلك في قطاع الأعمال الإنشائية، وهو ما يعكس الزيادة المطردة في أنشطة البنية التحتية، بحسب تقرير مجلس التنمية الاقتصادية.

رئيس الوزراء يتفاعل مع هموم الاقتصاد

إلى ذلك، قال رجل الأعمال رئيس جمعية البحرين العقارية ناصر الأهلي في تصريح خاص لـ “البلاد” إن توجيهات سموه بتوسيع دائرة الاستثمار هو ما نتمناه كرجال أعمال بأن تأخذ هذه التوجيهات دورًا في المستقبل، إذ إن سموه يستقبل دائما في مجلسه العامر القطاعات الاقتصادية، وهو يعتبر المسؤول الوحيد على مستوى الخليج الذي تتواجد في مجلسه  القطاعات الاقتصادية المختلفة، وفي كل لقاءات سموه يستمع إلى التجار وأصحاب الاختصاص، وهذا ليس بغريب على سموه، حيث تبدي تلك القطاعات همومها ومشكلاتها لرئيس الوزراء ويتفاعل معها. إن توجيهات سموه كانت في محلها من أجل زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار وأيضًا التوجيه بتنويع الاستثمارات في القطاعات غير النفطية الحالية ضرورة مما يفعّل الخطط الديناميكية للحكومة. هذا التوجيه إشارة للمسؤولين في الوزارات لمساعدة المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمصانع، وبالتالي تنويع الاقتصاد، وعدم الاعتماد على نوع واحد من الأعمال، مثل شركة ألمنيوم البحرين وشركة نفط البحرين، وكذلك الاستثمار في السياحة، فالجميع ينشد هذا التنويع خصوصًا أن قطاع السياحة مهم جدًا.

وأكد الأهلي ضرورة “توسيع دائرة الاستثمار والتعاون الاقتصادي إقليميًا وعالميًا، وهذا ما نسعى إليه، اذ تتواجد استثمارات خليجية وإقليمية قائمة في البحرين وخارجها، مبينًا أن رجال الأعمال في السابق يدعون لتنويع الاستثمار داخل المملكة وخارجها، وحاليًا على مستوى خارج البحرين، حيث توجد بعض المشاورات لاستثمار بعض القطاعات التجارية في مجالات السياحة بدول أخرى، أيضًا بعض القطاعات الاستثمارية مثل المواد الغذائية بالدول التي لديها الإمكان للوصول إلى سوق البحرين.

وأضاف أن من ضمن الأمور التي تطرق لها سموه في إحدى مجالسه إلى أن دول شرق آسيا لديها العمالة والأرضية الخصبة للزراعة والأرضية الخصبة للثروة الحيوانية، فلماذا لا نستثمر قطاعات التجارة للاستفادة منها في هذا المجال، خصوصًا أن هناك فئة قليلة تستثمر في الفلبين وبعض الدول الأخرى، وبالنسبة إلى اللحوم يتم التركيز على الاستيراد من نيوزيلندا وأستراليا، فلماذا لا يتم الاستثمار في دول أخرى توفر لحومًا أرخص وأقرب في المستقبل. وأشار إلى وجود توجه لدى مستثمرين للاستثمار في بعض أنشطة الأغذية في سراييفو بالبوسنة وغيرها، وعموما، فإن التوجه لتوسيع دائرة الاستثمار في الخارج فعال وذو جدوى، متسائلا لماذا لا يتم استثمار المصانع المحلية في السعودية، وقد طلبنا في السابق استثمار هذه المصانع في مجال الحديد والصلب أو صناعة الاسمنت خصوصًا أننا نعاني نقصها، مضيفًا أن التوسيع في دائرة الاستثمار يعتمد على ماذا تحتاج البحرين والمستثمرين سواء كانت تلك الحاجة في داخل أو البحرين خارجها.

وألمح الأهلي إلى ضرورة وجود تشريعات وقوانين تضمن استمرار هذه الاستثمارات وسلاستها، وهذه التشريعات المختصة بالاستثمارات والشركات داخل المملكة وخارجها يجب أن ينتبه لها مجلس النواب في دور انعقاده المقبل بما يحقق هذه التطلعات والتوجيهات الرشيدة.

نجاح في إستراتيجية مجلس التنمية الاقتصادية

بدوره، أكد ‏المحلل في الشؤون الاقتصادية يوسف المشعل نجاح إستراتيجية مجلس التنمية الاقتصادية وما يحققه من خطط فيما يتعلق بالتسويق والترويج للبحرين. وقال المشعل في تصريح خاص لـ “البلاد” إن ما يقوم به مجلس التنمية الاقتصادية من ترويج شامل للمملكة ليعد خطوة في المسار الصحيح، فجهود المجلس في نقل الصورة الإيجابية إلى العالم الخارجي تجعل المستثمرين أكثر تقبلا للبحرين، وذلك عن طريق توصيل رسالة تفصح عن وجود خصائص فريدة معينة أو توليد اتجاهات محفزة نحو البحرين أو تعديل اتجاهاتهم وقناعاتهم، وبالتالي تفضيلهم المملكة على أي بلد آخر وذلك من خلال توفير أساليب مميزة وفاعلة وذات قيمة ومساندة للترويج. كل هذا يهدف لتعجيل النمو بين المؤسسات والصناعات ضمن سياق المساهمة في تنمية القطاعات المختلفة، حيث نلاحظ أن المجلس سعى إلى توفير المعلومات والبحث والتحليل؛ بغرض التسهيل لمستوى أعلى من النمو وزيادة التواجد وخلق تأثير عام في الأسواق المستهدفة مع ترويج الجودة لزيادة معدل النمو في الحجم والعوائد والربحية واستخدام الموارد.

وأشاد المشعل بجهود سمو ولي العهد رئيس مجلس التنمية وبتوفر الرغبة الحقيقيه في إيجاد نظام فعال للترويج وتسويق اقتصاد البحرين عالميًا.

وأشار إلى أن البحرين استطاعت امتصاص بعض الصدمات والضغوطات التي جاءت بفعل المؤثرات الخارجية لأسباب متعلقة باعتماد المملكة على التجارة الخارجية بنسبة عالية، والتي تؤثر على الانكماش وتباطؤ النمو، لافتًا في الوقت ذاته أن المملكة شهدت نموًا أقل من المتوقع، في حين شهدت الدول الأوروبية انكماشًا اقتصاديًا، حيث بدأت حكومة البحرين بقيادة رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة باتخاذ إجراءات متسارعة الواحدة تلو الأخرى، فسهلت إجراءات وشروط ترخيص المؤسسات العالمية، ومنحتها المزيد من الامتيازات ودعم قطاع السياحة وقطاع الثقافه باستضافة العديد من الفعاليات، وقدمت الكثير من المساعدات لصالح الاستثمارات الفندقية، وتعمل بكل طاقتها لاستضافة المعارض العالمية والإقليمية المتخصصة وغير المتخصصة، وإقامة بعض المهرجانات وفتحت الباب أمام الاستثمارات العقارية، وأعلنت عن مشاريع عملاقة، حيث رصدت المملكة، حكومة وقطاع خاص، ميزانيات لإنجاز عدد من المشاريع الاقتصادية الضخمة منها توسعة مصهر ألبا والبتروكيماويات، وتوسعة المطار، وعدد من الأبراج الفندقية والسكنية وتطوير الشوارع.

المشاريع الإسكانية تشكل طفرة اقتصادية

ولفت المشعل أن العام 2017 عامًا صعبًا بكل المقاييس، لكن الاقتصاد البحريني أثبت اتزانه من خلال طرح عدد من المشاريع الاقتصادية وبناء المشاريع الإسكانية، والتي رصدت لها ميزانيات مالية تشكل طفرة اقتصادية، حيث شهد العام تطورات على المستوى الاقتصاد المحلي ناتجه عن العمل الدءوب لحكومة البحرين والشراكة العملية مع القطاع الخاص؛ من أجل تحسين مختلف المؤشرات الاقتصادية.

وأكد المشعل أن الحكومة تسجل نجاحات في عدة مجالات، فالبحرين استطاعت أن تحقق معدلات نمو مرتفعة جدًا في ناتجها الصناعي في الفترة السابقة، وأن الإنجازات الصناعية لم تتركز في القطاعات الصناعية الأساسية (البترولية )، بل تجاوزتها أيضا إلى القطاعات الصناعية التحويلية المتوسطة والصغيرة، والتي نمت نموًا كبيرًا خلال الربع الأول من العام الجاري بمعدل 4.4 %، فقد هيأت الحكومة جميع المتطلبات اللازمة لتحقيق تنويع مصادر الدخل منها البنية الحرة للاستثمار والملكية الكاملة لغير البحرينيين والإعفاء من الضرائب والإعفاء من الرسوم الجمركية على المواد الخام والآلات والمعدات مما ساعدت هذه المنهجية على استقطاب الاستثمارات الخارجية، واستحدثت نشاطات اقتصادية رائدة نجحت في خلق فرص عمل جديدة للمواطنين، وإيجاد مناخ ملائم للنمو مما يثبت إن إرادة التغيير لتنمية الاقتصاد البحريني هي خدمة للصالح العام تقدم بفضل توجيهات قيادة البحرين الحكيمة نحو الهدف المطلوب، وهي توجهات ستسيّر المملكة بخطى ثابتة في عالم يعج بتحولات اقتصادية تكتلية عميقة أساسها العولمة.