+A
A-

السابعي: القانون العُماني لضريبة دخل الأفراد يشمل 1% فقط من السكان

قال الخبير الاقتصادي العماني قيس السابعي إن صدور المرسوم السلطاني الذي قضى بإصدار قانون الضريبة على دخل الأفراد يمثل خطوة غير مسبوقة في دول مجلس التعاون الخليجي، إذ تُعد سلطنة عُمان أول دولة خليجية تقدم على إقرار هذا النوع من الضريبة. وأوضح أن القانون سيبدأ تطبيقه فعليًا في يناير من عام 2028، أي بعد سنتين ونصف من الآن، وهو ما يمنح فرصة كافية للأفراد والمؤسسات للاستعداد وتفهم الآليات التي سيتم بموجبها احتساب الضريبة وتطبيقها.

وأشار السابعي إلى أن هذا القانون يأتي ضمن حزمة من السياسات المالية التي تنتهجها السلطنة لتنويع مصادر الدخل الوطني، تحقيقًا لأهداف رؤية عُمان 2040، التي تركز على تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات العامة. وذكر أن ضريبة الدخل على الأفراد ستنضم إلى ثلاث ضرائب قائمة حاليًا في سلطنة عُمان، وهي ضريبة القيمة المضافة، والضريبة الانتقائية، وضريبة دخل الشركات، موضحًا أن هذه التوجهات تعكس حرص الحكومة العمانية على تعزيز الاستدامة المالية وضمان العدالة في توزيع الأعباء والإيرادات.

وبيّن السابعي أن القانون صيغ بطريقة دقيقة تضمن أن لا يتأثر به سوى نسبة محدودة من السكان، لا تتجاوز 1% فقط، إذ ستُفرض الضريبة على فئتين: الفئة الأولى تشمل المواطنين والمقيمين الذين أمضوا أكثر من 183 يومًا داخل السلطنة، وتُحتسب الضريبة في هذه الحالة على دخولهم من داخل وخارج عُمان. أما الفئة الثانية فتشمل غير المقيمين الذين يحققون دخلًا من داخل السلطنة فقط، وتُفرض عليهم الضريبة على هذا الدخل دون غيره.

وأكد السابعي أن ما يميز هذا القانون هو اعتماده على السقف الأعلى للضريبة عالميًا، إذ لا تُفرض إلا على من يتجاوز دخله السنوي 42 ألف ريال عماني، وهو ما يعني أن الغالبية العظمى من السكان لن يتأثروا بها. وأضاف أن الشخص الذي يبلغ دخله السنوي خمسين ألف ريال مثلًا، تُخصم منه 42 ألفًا، وتُحسب الضريبة فقط على الفرق وهو ثمانية آلاف ريال بنسبة 5%. لكن قبل احتساب الضريبة يتم أولًا خصم مجموعة من النفقات الأساسية المعترف بها، مثل الزكاة المدفوعة رسميًا، ومصاريف التعليم لأبناء المكلف، والعلاج، ونفقات إعالة كبار السن، وغيرها من الالتزامات المحددة بدقة في القانون.

وأضاف أن الهدف من ذلك هو ضمان عدم إرهاق المكلفين ماليًا، وتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية، مشيرًا إلى أن جميع الإيرادات التي سيتم تحصيلها من ضريبة الدخل على الأفراد ستذهب مباشرة إلى صندوق الحماية الاجتماعية، الذي يقدم الدعم للفئات الأكثر احتياجًا مثل الأطفال، والأرامل، والمطلقات، وذوي الإعاقة، وكبار السن، والمسرحين عن العمل.

ولفت السابعي إلى أن إقرار القانون جاء بعد دراسات مستفيضة، وبيانات دقيقة حول دخول الأفراد وتوزيعها، إضافة إلى تقييم الأثر المالي والاجتماعي والثقافي لمثل هذا القرار، مؤكدًا أن هذه الخطوة ستسهم على المدى البعيد في تعزيز العدالة وتكافؤ الفرص، وتوفير مصادر دخل مستدامة للدولة دون تحميل الفئات محدودة الدخل أعباء إضافية.

وختم السابعي تصريحه بالتأكيد على أن القانون يمثل نموذجًا متقدمًا قد تقتدي به دول خليجية أخرى في المستقبل القريب، خصوصًا في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والتقلبات الجيوسياسية، والحاجة المتزايدة إلى تنويع الإيرادات وتحقيق التوازن المالي، مؤكدًا في الوقت نفسه أن التجربة العُمانية تُبنى على قواعد واضحة واستثناءات عادلة ونظم رقابية شفافة تحفظ حقوق المكلفين وتضمن تحقيق أهداف الدولة الاقتصادية والاجتماعية.