في زحام الحياة، حين تتكالب على قلبك الهموم، وتضيق بك الأرض بما رحُبت، وتتشابك الأسباب حتى لا تكاد ترى منفذًا…
يقف الإيمان موقف الحكمة والسكينة، ويهمس لك بصوت عميق: “اركن إلى الله، فليس ثمة نفع ولا ضر إلا بأمره.”
يقول النبي ﷺ لابن عباس رضي الله عنهما، والوصية موجهة لنا جميعًا:
“يا غلام، إني أُعلّمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك.
إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله.
واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك،
وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك.
رُفعت الأقلام وجفّت الصحف.”
(رواه الترمذي)
وعلى سبيل الاستغناء:
حين تتعلّق قلوب الناس بالناس، ويركضون خلف رضاهم، وينشدون منهم نصرة أو رزقًا أو مكانة، يُذكّرك هذا الحديث أن كل ما يُرجى أو يُخشى، لا يملكه أحد من الخلق.
إن اجتمع الخلق كلهم على أن ينفعوك، فلن يستطيعوا، إلا بما قد كتبه الله لك.
فلماذا تذلّ نفسك على باب أحد، وقد فُتح لك باب من لا يُردّ سائله؟
استغنِ بالله، فهو الغني الحميد، واسع العطاء، قريب مجيب.
وعلى سبيل الطمأنينة:
وإذا تتابعت عليك المحن، وتظاهرت عليك سهام الحاقدين، وتربّص بك من أراد بك شرًا، فاعلم يقينًا أن الضرّ بيد الله لا بأيديهم.
إن اجتمع أهل الأرض على أن يضروك، فلن يقدروا إلا على ما كتب الله عليك.
فهنيئًا لقلب أيقن أن الناس لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًا، فكيف يملكونه لغيرهم؟
هذه الحقيقة تبعث في النفس طمأنينة لا تزعزعها عواصف الدنيا، ولا تهزها ظنون الخوف من الغد.
وعلى سبيل التسليم:
هنا ذروة الإيمان: “رُفعت الأقلام وجفّت الصحف.”
ما كُتب قد كُتب، ولن تُصاب بشيء لم يُكتب لك، ولن يفوتك شيء قُدّر أن يصلك.
فلا تندم على ما فات، ولا تَجزَع مما هو آت.
سلّم قلبك لله، وامضِ في دربك وأنت على يقين أن كل ما في هذا الكون يسير بقَدَر الله، بعِلمه، بحكمته، برحمته.
فما عليك إلا أن تعمل وتتوكل، وأن تُحسن الظن بربك، وتبذل ما تستطيع، ثم تسكن في ظلال القدر، مطمئنًا، راضيًا، ساكن القلب، سليم الصدر.
هذه الكلمات ليست مجرد وعظ… إنها مفاتيح لحياة هانئة، لمن فهمها وآمن بها، وعاشها قلبًا لا لسانًا.
اجعلها نبراسًا في طريقك:
لا تطلب من الناس ما لا يملكون.
ولا تخشَ مكرهم، فما هم إلا أدوات في مسرح القضاء.
ولا تجزع من تدبير الغيب، فالمدبّر حكيمٌ عليمٌ رحيم.
طمأنينتك في يقينك، وسلامك في تسليمك، وغناك في ربك.
ثم تأتي الطمأنينة الكبرى، حين يجتمع نور الإيمان بسكينة الأوطان…
فالحمد لله الذي منّ علينا بقيادة حكيمة، ترعى شعبها بعين المسؤولية، وتحتضنه بروح الأبوة والرحمة.
وإننا ونحن نلتمس الأمان في قلوبنا بذكر الله، نعي أيضًا فضل الله علينا أن رزقنا وطنًا آمِنًا، بقيادة ملك الإنسانية والوفاء، حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين المفدى، حفظه الله ورعاه.
نرفع أكف الدعاء إلى السماء بأن يديم على البحرين أمنها وإيمانها، وسلامها واستقرارها،
وأن يُبارك في مليكها وولي عهده الأمين، وقيادتها الرشيدة،
وأن يحفظ هذا الشعب الوفي، ويزيده عزًا وتلاحمًا ومحبةً في الله ومن أجل الوطن.
اللهم كما رزقتنا طمأنينة الإيمان، فزدنا نعمة الأمن في الأوطان،
واحفظ البحرين وأهلها، ومن أحبّها وعمل على رفعتها
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |