العدد 6114
الجمعة 11 يوليو 2025
banner
الإدمان: مشكلة صحية لا وصمة عار
السبت 21 يونيو 2025

في كل مجتمع، هناك من يعاني في صمت، يسير بيننا يحمل أعباءً لا تُرى، ويُحارب معارك داخلية لا نعلم عنها شيئًا. من بين هؤلاء، أشخاص وقعوا في شِباك الإدمان. وبينما ينظر البعض إليهم نظرة لوم أو ازدراء، علينا أن نتذكر دائمًا أن الإدمان ليس انحرافًا أخلاقيًا، بل مشكلة صحية تستوجب التعاطف والدعم.

ما هو الإدمان؟
الإدمان هو اضطراب نفسي وسلوكي يُفقد الإنسان سيطرته على تعاطي مادة ما (مثل المخدرات أو الكحول) أو سلوك معين (مثل المقامرة أو الإنترنت)، رغم إدراكه التام لما يسببه له من ضرر. تشير الدراسات الحديثة إلى أن الإدمان يُحدث تغييرات حقيقية في كيمياء الدماغ، تمامًا كأي مرض مزمن مثل السكري أو الضغط.

الإدمان لا يختار ضحاياه
الإدمان لا يفرّق بين غني وفقير، متعلم أو غير متعلم، رجل أو امرأة. قد يقع فيه الشاب الطموح، أو الأم التي ترعى أطفالها، أو العامل الذي يسعى لرزقه. وغالبًا، يبدأ الإدمان من محاولة للهروب من ألم نفسي، أو ضغط اجتماعي، أو تجربة مؤلمة.

كفى تشهيرًا.. وكفى تهميشًا
الكثير من المدمنين لا يطلبون المساعدة خوفًا من وصمة العار الاجتماعية أو التشهير الذي قد يطالهم أو أسرهم. وهذا يؤدي إلى تفاقم الحالة، وقد ينعكس على المجتمع كله في شكل جرائم أو مشاكل أسرية.

من الخطأ أن نعامل المدمن كـ "مجرم" أو "فاشل"، بل يجب أن نراه كما هو: مريض يحتاج إلى علاج ودعم ورحمة.

كيف يمكننا كمجتمع أن نساعد؟
1. التوعية بأن الإدمان مرض قابل للعلاج.
2. دعم مراكز العلاج والتأهيل وتسهيل وصول المدمنين إليها.
3. كسر حاجز العار والتوقف عن نشر القصص أو الصور التي تفضح المتعافين أو المدمنين.
4. الاستماع دون حكم، وتقديم النصيحة دون تقليل أو تجريح.
5. دعم الأسرة التي تعاني من وجود مدمن، بدلًا من لومها أو عزلها.

رسالة أمل
لكل من يعاني من الإدمان: أنت لست وحدك، والتعافي ممكن. طريق الشفاء صعب لكنه ليس مستحيلاً. ومع كل يد تُمد لك بدفء، هناك فرصة جديدة لحياة كريمة خالية من الألم والاعتماد.

ولكل أفراد المجتمع: كونوا سندًا لا عبئًا، كونوا عونًا لا عبئًا، كونوا إنسانيين قبل أن تكونوا قضاة.

جهود مملكة البحرين في مكافحة الإدمان
تولي مملكة البحرين اهتمامًا كبيرًا بمكافحة ظاهرة الإدمان، إدراكًا منها لخطورة هذه المشكلة على الفرد والمجتمع. وقد أنشأت المملكة مراكز متخصصة للعلاج وإعادة التأهيل، أبرزها "مركز الإرشاد والتعافي"، الذي يقدم خدمات علاجية وتأهيلية ونفسية متكاملة للمدمنين، مع الحفاظ على خصوصيتهم ودعمهم في رحلة التعافي.

كما أطلقت البحرين العديد من المبادرات التوعوية في المدارس والجامعات والأماكن العامة، لنشر الوعي بمخاطر الإدمان وسبل الوقاية منه. وتسعى المملكة إلى تعزيز الشراكة بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني من أجل تقديم بيئة صحية وآمنة للمتعافين.

وتقوم  وزارة الداخلية في مملكة البحرين بدور فاعل في التصدي لظاهرة الإدمان، ليس فقط من خلال الجهود الأمنية في مكافحة تهريب وترويج المواد المخدرة، بل أيضًا عبر إطلاق حملات توعوية مستمرة تهدف إلى توعية الشباب بمخاطر الإدمان.

وتشارك الوزارة في الفعاليات التثقيفية، وتدعم البرامج المدرسية والمجتمعية التي تعزز من ثقافة الوقاية، إلى جانب تقديم الدعم القانوني والنفسي للمتعافين من الإدمان ضمن برامج الرعاية اللاحقة.

إن هذا التكامل بين الجهود الأمنية والصحية والاجتماعية يعكس التزام البحرين برؤية شاملة لمكافحة الإدمان، مبنية على الرحمة والعلاج لا العقاب فقط.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .