العدد 6096
الإثنين 23 يونيو 2025
banner
البحرين في قلب معادلة الردع الإقليمي
الإثنين 23 يونيو 2025

 في وقت أصبحت فيه المنطقة تغلي على صفيح ساخن، تكتسب التحالفات الاستراتيجية أبعادًا استثنائية تتجاوز الدبلوماسية الكلاسيكية لتدخل عمق الأمن القومي للدول. وفي هذا السياق، يكتسب انضمام المملكة المتحدة مؤخرًا إلى اتفاقية التكامل الأمني والازدهار الموقعة بين مملكة البحرين والولايات المتحدة في عام 2023، أهمية خاصة، لاسيما من حيث التوقيت والدلالات الجيوسياسية الأوسع.
هذه الاتفاقية التي تُعد ملزمة قانونًا لكل أطرافها، تمثل مظلة دفاعية متقدمة تعكس التزامًا أميركيًا طويل الأمد بأمن البحرين، الدولة الحليفة التي تحتضن مقر الأسطول الأميركي الخامس، وتشكل حجر زاوية في أمن الخليج. وبموجب هذه الاتفاقية تلتزم الأطراف بالتعاون في مواجهة التهديدات الخارجية وتفعيل آليات الردع والدفاع المشترك، مع توفير قنوات تنسيق على أعلى المستويات السياسية والعسكرية. لكن اللافت اليوم هو أن دخول بريطانيا طرفًا في هذه الاتفاقية، وهو أمر لا يأتي في ظرف إقليمي اعتيادي؛ بل في ظل تصعيد غير مسبوق بين إسرائيل وإيران، وبعد أن باتت المواجهة بين الطرفين مفتوحة على احتمالات كارثية قد تتوسع لتشمل المنطقة بأكملها.
هذه الاتفاقية تعد بمثابة تحول نوعي في بنية الشراكة البحرينية الأميركية، وتدخل اليوم مرحلة جديدة أكثر فاعلية عبر البُعد الثلاثي مع انضمام قوة كبرى بحجم المملكة المتحدة.
ولا يمثل ذلك تعزيز المظلة الأمنية بالنسبة للبحرين، بل لتأكيد موقعها في معادلة توازن القوى في الخليج، حيث لم يعد الاكتفاء بالعلاقات الرمزية مجديًا في وجه تهديدات حقيقية تتطور بسرعة الصاروخ وتستهدف استقرار الدول من الخارج والداخل على حد سواء.
وفي ظل حرب مفتوحة وساخنة بين طهران وتل أبيب وخطر امتدادها نحو دول المنطقة، فإن تعزيز التحالفات الدفاعية ليس رفاهية، بل ضرورة وجودية.
وفي مثل هذه الظروف، لا يمكن قراءة الاتفاقية بمعزل عن محيطها، فهي وثيقة تضع البحرين في قلب معادلة الردع الإقليمي، وتكرس دورها كدولة فاعلة تذهب لبناء منظومة أمنية متكاملة تستبق التهديد وتُدار عبر منظومة شراكة استراتيجية عالمية.

كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية