العدد 6114
الجمعة 11 يوليو 2025
banner
خربشة ومغزى.. “صَحْبٌ في قهوة.. ذكريات دراسية تجمعهم"
الأحد 22 يونيو 2025

صَحْبٌ في قهوة لهم ملتقى أسبوعي، وهم لهم حُظُوظ ريادة أعمال ومهام لها شأن، يجمعهم أرشيف ذكريات، كانوا طلاب دفعة عام 1969م في كلية البترول والمعادن الواقعة في مدينة الظهران. ناخت خطاي عندهم في سويعة زمن، وأرتشفت منهم أليف حكايات عن تاريخ مضى، حينما كانوا فتية، ضمهم حضن أكاديمي وصرح علمي تأسس بمرسوم ملكي عام 1963م زمن الملك سعود. وأُفتتح عهد الملك فيصل. تسمعهم وكأن همس بينهم يتلوا؛
لي صَديقٌ عَلى الزَمانِ صَديقي 
وَرَفيقٌ مَعَ الخُطوبِ رَفيقي 
لَو تَراني إِذا اِستَهَلَّت دُموعي 
في صَبوحٍ ذَكَرتُهُ أَو غَبوقِ 
أَشرَبُ الدَمعَ مَع نَديمي بِكَأسي 
وَأُحَلّي عِقيانَها بِعَقيقِ

كلية البترول والمعادن تمر بنمو مضطرد حتى بلغ شموخ جامعة ذاع فيه تميَّز، ليكون مِرْساه جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في عام 1986م. عظُم بُنيانها، وكلياتها وأبحاثها ومرافقها. أصحبت معلم وهوية تعليمية في المملكة العربية السعودية. ولا أخال مندوحة وصف لها أنها جامعة عطاء، جذبت أبناء الوطن من كلِّ حَدَبٍ، تأهلَّوا ودخلوا مُعترك تحديات، فنطق ميدانهم بمواهب ومهارات، وتسيَّدوا مهام وزارات وقطاعات، وأعمال خاصة وشركات. 

هنالك محاكاة تشبيه علّه توافق قدري أنّ الجامعة في مرتفع جيولوجي يِحاذي موقع ليس ببعيد عن أول بئر مُكتشف عام 1938م للبترول حمل أسم بئر الدمام رقم 7، وأسماه الملك عبدالله بئر الخير، وهو باكورة تحول ملحمي في تاريخ بلادنا. وكأن سردية بئر الخير وما لَحَقه تماثل بوجود ينبوع معرفي في واحة تُدرَّس علوم تتنوع، وأبحاث تتفرد. جامعة ورَّثت أجيال رواد تعرفهم حين تلقاهم، ويدق ولائهم لها، وتتقاطر ذكراهم فيها.
جامعة البترول تصميمها بدأ في حقبة الستينيات مع مكتب معماري أمريكي من ولاية تكساس اسمه Caudill Rowlett & Scott، وعُرف كذلك CRS. روح التصميم أكتسى جرأة وفخامة وكأنه قطعة من جبل في موقع يطل من أعلى تلة صخرية كمعلم على جانب الطريق. 

المتأمل لأحاديث هؤلاء الصَحْب يتذكر عكازة العمر، وهي متكأ على ما أكلته السنون، وحدَّت شفرته ملاذات الحياة. أطياف الكلام أشبه بعدّ عصافير حبّات بيدر، عندهم ذكرى سنين ما انطفئ حنينها وبوح رجيعها. تدَّب فيهم في أركان الأمكنة، وهي تلج ردهات ذكريات تسبح في ثنيات حبات الرمال تشف العقل والوجدان. هكذا تسمع لهفة نفوس مثل رنة ريح في أذن الواله، أو أصوات طيور هسهستها فوق صفحة مياه هادئة. في دلالة شوق واشتياق تتذكر حضن أمٌّ بعد انقطاع، شوق مثل أحرفه ثلاث قيست على مقاسه.

كم هو جميل أن تحمل خميرةُ ذكريات تندسُ فيها أطياف وصور تُنهض ذهن وولهِ دافع، وتحرس وشائجُ متخثّرة يكون الحديث عنها ماتع، وهي بمرورِ الوقتِ تصبحُ أُنسٌ تُطرِبُ سامع. هكذا البشر يحملوا صندوق التذكر بكلِ حميميةٍ وقلبٍ رهيف وادع، تفاصيله مع مرور الزّمن لا تذهب وكأنك ترى بريقُ سَاطِع، وشوق يحدو لها ليتها ترجع دون موانع، هي مثل روزنامات تُرى تُقْلب مثبتةً لا يمحوها تشويشُ الأيام ولا الافتراق أو وداعٌ مانع. صفحات الزمن العابر بسنواته ومحطاته عند الإنسان لها حنين فيه اِرتواء عاطفي يوقد جذوة يتجدد دفعها من حين لآخر بدواخل لا تُنسى، وهي محفورة وإن مضت سنين لأنها في لوزة الدماغ الذي هو مركز أحاسيس وردود أفعال. هي هكذا هواجس تنام مع صاحبها على المخدَّة، ومشاعر تُخبئ ما مرّ قطارُ الزمانِ به حتى خلّف أثلامهُ في الجِبْاه لم يمتحى، بل ينطق تعابير أحدهم ودِدتُ لو أنّيَ لم أغدّ يوماً كبير. أو يقول؛
أرجع زمان الأمس من صفحاتِ
ما أجمل الأيام بعد فواتِ 
ذكرى يعود إلى الفؤاد حنينها
دوماً إذا ذاق الفؤاد بآهاتِ 

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية