طبيعي أن تكون لحدث تاريخي هائل كسقوط نظام عتيد وهو نظام بشار الأسد، تأثيرات وتداعيات ضخمة تستلزم معها أقصى درجات الانتباه والحذر من الشعب السوري أولا، ومن ثم جميع الأطراف المنخرطة والدول المعنية والمنطقة المتأثرة. لقد كان الرئيس الأميركي جو بايدن محقا عندما وصف الحدث بأنه “فرصة تاريخية” للشعب السوري بعد سنوات من القمع والمعاناة، وأنه أيضا “فعل أساسي للعدالة” ومحاسبة نظام الأسد على جرائمه الوحشية ضد شعبه طيلة سنوات من الحكم.
الرسالة الأهم التي أكد عليها بايدن هي ضرورة اليقظة إزاء ما يجري في سوريا، وإن كان بايدن يقول إن بلاده ستبقى يقظة وستعمل على الحيلولة دون تمكين أية جماعة متطرفة من استغلال وملء حالة الفراغ السياسي في سوريا، وضمان عدم ظهور “داعش” مرة أخرى، كما أنها ستكون يقظة حيال تصرفات وأعمال الفصائل المسلحة التي أسقطت نظام بشار الأسد في ضوء تورط بعضها في أوقات سابقة بأعمال إرهابية وانتهاك حقوق الإنسان، فإن هذه اليقظة مطلوبة في المقام الأول من الشعب السوري ومن سيتولى أمره في هذه المرحلة الجديدة؛ حتى لا يكون هذا الإنجاز الذي دفع أبناء الشعب السوري ثمنه باهظا فرصة تاريخية لأطراف وجهات أخرى لتحقيق آمال عجزوا عن تحقيقها لعقود من الزمان، حيث رأينا رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يتحدث عن أن بلاده “تُغير وجه الشرق الأوسط” بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، وأن الجزء الذي تحتله بلاده وضمته من هضبة الجولان السورية، سيظل إسرائيليا إلى الأبد، في تحد هو الأخطر والأسرع ظهورا لدرجة مريبة.
اليقظة الأوجب هنا عربيا لمواجهة التحدي الإسرائيلي المهدد للأراضي السورية والمصالح العربية، وأن تتحرك الدول العربية إقليميا ودوليا للحفاظ على سيادة ووحدة سوريا، وأن تمد يدها لمن سيتولى مقاليد السلطة في سوريا لوقف ما وصفته الأمم المتحدة نفسها بأنه انتهاك لاتفاق فض الاشتباك بين إسرائيل وسوريا الذي وقع بالعام 1974.
* كاتب بحريني