العدد 5880
الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
الخسائر المدنية وضمير الإنسانية
الثلاثاء 19 نوفمبر 2024

 حرصت الأديان قبل حكماء وزعماء كل عصر وزمان على وضع معايير وأخلاقيات للتعامل بين البشر، ليس فقط في الأوقات الطبيعية والعادية، بل أيضًا أوقات الصراعات والحروب، بحيث تجعلها في نطاق ضيق بين المقاتلين، وألا تتسع وتمتد إلى المدنيين، ثم جاءت الاتفاقيات والقوانين لتنظم هذه المعايير ببنود واضحة وملزمة لتكون بمثابة الحد الأدنى للحفاظ على الإنسانية وقت النزاعات المسلحة.
 ورغم عدم وجود اتفاق حول نسبة الضحايا المدنيين في النزاعات المسلحة، إلا أنه ووفقًا لموسوعة ويكيبيديا فإن الفحص الأكثر شمولًا لوفيات الحرب بين المدنيين عبر التاريخ أجراه ويليام إيكهارت، وقال إنه في المتوسط نصف الوفيات الناجمة عن الحرب بين المدنيين، وقُتل بعضهم فقط بسبب المجاعة المرتبطة بالحرب، وأن النسبة المئوية للمدنيين من الوفيات المرتبطة بالحرب ظلت عند حوالي 50 % من قرن إلى قرن. في حرب كتلك الدائرة منذ أكثر من عام بين عدة آلاف شخص من حركة حماس يعيشون بقطاع محاصر منذ سنوات طويلة ضد دولة تمتلك عتادًا عسكريًّا ضخمًا وأسلحة متقدمة ومتدفقة من دول كبرى، كان يتوقع أن تقل الخسائر المدنية كثيرًا في ظل هذه الفوارق العسكرية والتكنولوجية الهائلة بين الجانبين، لكن ما حدث العكس، ويشير إلى أن استهداف المدنيين كان من الأولويات والأهداف. 
 ففي إحصاء للأمم المتحدة عن الأشهر السبعة الأولى من الحرب في غزة، قال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان خلال شهر نوفمبر الجاري 2024 إن حوالي 70 في المئة من الضحايا الذين تم التحقق من وفاتهم نساء وأطفال، داعيًا إلى حساب مناسب من خلال هيئات قضائية موثوقة ونزيهة. 
قبل ذلك، وتحديدًا في مارس 2024، قال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في السكن اللائق، بالاكريشنان راجاجوبال، إن الأزمة الحالية في غزة “تصدم ضمير الإنسانية، حيث تعرض أكثر من 70 في المئة من إجمالي المساكن في غزة، وأكثر من 80 في المئة في أجزاء من شمال غزة، للأضرار أو التدمير، وكل ما يجعل السكن ملائمًا سُوِّي بالأرض”.

كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .