العدد 5854
الخميس 24 أكتوبر 2024
من شخص غير مؤهل إلى غير مرغوب فيه
الخميس 24 أكتوبر 2024

وسط المعارك والدمار والخراب الذي تشهده غزة منذ أكتوبر العام الماضي برز السجال والخلاف الحاد بين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وإسرائيل، بسبب المواقف المحايدة التي اتخذها المسؤول الأممي من هذه الحرب وامتدادها وتجاه تطوراتها وتداعياتها. فمنذ البدايات وفي 24 أكتوبر 2023، وجّه غوتيريش انتقادات حادة لإسرائيل، بسبب غاراتها الجوية على قطاع غزة، موجهًا لطمة قوية لإسرائيل بتأكيده أن هجوم حركة حماس على مستوطنات وبلدات غلاف غزة في السابع من أكتوبر 2023 لم يحدث من فراغ، مذكرًا العالم وواصفًا بدقة وشمولية ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني من معاناة على مختلف الأصعدة، قائلًا: “من المهم أن ندرك أن هجمات حماس لم تحدث من فراغ، لقد تعرض الشعب الفلسطيني لاحتلال خانق على مدار 56 عامًا، ورأوا أراضيهم تلتهمها المستوطنات وتعاني العنف، خُنِقَ اقتصادُهم، ثم نزحوا عن أراضيهم، وهُدمت منازلهم، وتلاشت آمالهم في التوصّل إلى حل سياسي لمحنتهم”. أثار هذا الموقف وتلك التصريحات حفيظة إسرائيل، فراح وزير خارجيتها يدينها وينتقدها، ويؤكد أن غوتيريش ليس مؤهلًا لقيادة المنظمة الدولية ولا يستحق أن يكون على رأسها.
الحق يقال أن غوتيريش لم يتأثر مطلقًا بردود الفعل والانتقادات الإسرائيلية، بل حافظ على حياده وانحيازه لما يراه حقًّا وعدلًا وضروريًّا لجلب الأمن والسلام للجميع، وظل مطالبًا بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة. 


وحقق بنزاهة وعبر لجنة مستقلة في اتهامات إسرائيل بتورط بعض موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، والتي أثبتت كذب الادعاءات الإسرائيلية، ولم يتوقف عن التصريحات عما تشهده حرب غزة من جرائم مروعة وموت ودمار غير مسبوق في التاريخ الحديث للحروب، وتحميله إسرائيل مسؤولية إطالة أمد النزاع إلى أجل غير مسمى، برفضها وإنكارها حق الشعب الفلسطيني بأن تكون له دولة مستقلة، فلم يمر عام على الحرب وإلا وكان شخصًا غير مرغوب فيه إسرائيليًّا وممنوعًا من دخولها، لكنه حظي بتعاطف أعضاء مجلس الأمن الذين أنصفوه ودافعوا عنه وأكدوا أنه الشخص المرغوب فيه تحت مظلة العمل الدولي.

كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية