استغرق الأمر نحو عام، كي يعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صراحة وبكل وضوح دعوته في 5 أكتوبر إلى وقف تسليم الأسلحة لإسرائيل لاستخدامها في غزة، مؤكدا لإذاعة فرانس إنتر أن فرنسا لن تزود إسرائيل بالأسلحة للقتال في غزة، وأن الأولوية يجب أن تكون للعودة إلى الحل السياسي.
دعوة مهمة لامست جوهر القضية وأوضحت أهم أسباب استمرار حرب غزة لأكثر من عام، إذ لو كان هناك موقف دولي جاد رافض لمغامرات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورغباته ومطامعه السلطوية لما كان كل هذا القتل والعنف والدمار غير المسبوق لأبناء ومؤسسات وبنية قطاع غزة، ولما استمرت هذه الحرب وانتهاكاتها كل هذه الفترة، لكنه نجح في تسويق نفسه جيدًا باعتباره في حالة من الدفاع عن النفس، واسترداد للحقوق، وحفظ للهيبة وردع للعنف، وبسط للأمن والاستقرار في فلسطين والمنطقة بأسرها بتدمير حماس ومن على شاكلتها، فنال الكثير من الرضا والدعم المعنوي والتسليحي والمادي حتى ظن أنه مدافع عن العالم أجمع بدوله وقيمه ومبادئه وقوانينه، فضرب بكل ذلك عرض الحائط ولم يتجاوب مع مبادرات ولا جهود إحلال السلام ولم يحترم شرعية دولية ولم يتقيد بقيم أخلاقية. توصل ماكرون أيضًا لقناعة لطالما حاولت الدول العربية بكل اجتماع عربي وبكل محفل دولي أن ترسخها في أذهان العالم بأن السلام أمن وأمان لكل الجيران في المنطقة، وقدمت للعالم منذ عام 2002 مبادرة شاملة وافية لحل دائم لهذا الصراع المزمن، لكنه فشل في تنفيذها فكانت النتيجة وكما أشار الرئيس الفرنسي تصاعد مشاعر الاستياء والكراهية.
لا غنى لأية دولة عن السلاح وتعزيز قدراتها ومقوماتها لحفظ مكتسباتها والدفاع عن سيادتها وحماية استقلالها، بيد أن هذا السلاح لو كان لقيادة متهورة لا ترى إلا نفسها وتسير خلف أهوائها، فيكون مثيرًا للحروب وإشعال الفتن والصراعات وإزهاق الأرواح دون أن تشعر هذه القيادة بالعار الذي يراه نتنياهو في كل من يدعو إلى حظر الأسلحة على إسرائيل.
*كاتب بحريني