جدل قديم يتجدد مع كل بطولة عالمية مفتوحة لجميع الدول والجنسيات عما يجب فعله في حال احتمال مواجهة لاعب عربي ضد آخر إسرائيلي، وإن كان الغالب حتى الآن هو خيار الانسحاب العربي من المواجهة، كما فعل الجزائري رضوان مسعود دريس، المصنف 13 عالميًا في وزن تحت 73 كيلوغراما للرجال، والذي آثر الانسحاب من منافسات الجودو من مواجهة لاعب إسرائيلي تسبب في أولمبياد طوكيو 2021 في معاقبة اللاعب الجزائري أيضًا فتحي نورين عندما انسحب من مواجهته، فتم إيقافه لمدة 10 سنوات وقرر اعتزال اللعبة. كثيرون يرون في الانسحاب موقفًا بطوليًا يجب التصفيق له ودعمه وتشجيعه واستمراره باعتباره مظهرًا للرفض، مؤكدين أن اكتساب الاحترام أهم وأفضل من الفوز بالبطولات والألقاب، وهذا أمر لا جدال فيه ولا خلاف عليه، لكن في نفس الوقت علينا أن نتساءل عما جنيناه فعليا من هذه الانسحابات المتكررة أمام الخصوم الإسرائيليين، وإفساح المجال أمامهم للصعود دون عناء رغم أن كثيرين منهم مصنفون في مراتب متأخرة كثيرًا عن تصنيف اللاعبين العرب.
هناك ضغط نفسي هائل على اللاعب الذي يضعه القدر في مواجهة مع خصم إسرائيلي، فهو يشعر يقينًا بإخوانه الفلسطينيين وتؤلمه معاناتهم ويتعاطف معهم، ويدرك أنه تحت مجهر الرأي العام العربي، ما يجعله يخاطر بمستقبله الرياضي إما طوعًا أو كرهًا بفعل ضغوط الملايين التي ربما لو كانت هي محل هذا الرياضي لما قررت الانسحاب حفاظًا على مستقبلها ومصدر دخلها بعد أن باتت الرياضة مهنة لمن يمارسها وقد لا يجيد من العمل غيرها. أليس من الأجدى أن يترك اللاعبون العرب خيار الانسحاب أمام خصومهم من الإسرائيليين ويقررون المواجهة ويصرون على الفوز، ولاسيما أن لديهم من الدوافع والعوامل النفسية ما يمنحهم قوة إضافية لقهر هؤلاء الخصوم وإقصائهم من البطولات بدلا من تعبيد الطرق أمام تتويجهم. لو قرأت خبرًا عن فوز لاعب عربي على خصمه الإسرائيلي سيكون أكثر إسعادًا من خبر الانسحاب، بخلاف دلالاته الرياضية بإثبات تفوقنا العربي، والحفاظ على مستقبل الأبطال العرب الذين نعدهم في سنوات عديدة ويكبدوننا الكثير من المال.
* كاتب بحريني