العدد 5700
الخميس 23 مايو 2024
banner
كمال الذيب
كمال الذيب
في معنى مدنية الدولة
الخميس 23 مايو 2024

مصطلح “علمانية” يتحول عند البعض إلى تهمة، قد تكون مرادفة للخروج عن الصراط المستقيم. وقد سبق لأعضاء من الجماعات الدينية أن استخدموا مثل هذا الأمر لتوجيه التهمة إلى مخالفيهم في الرأي، بل وأصبحت تهمة (العلمانية) أساس خصومة هذه الجماعات مع العديد من أنظمة الحكم العربية. ويتفرع عن ذلك على الصعيد العملي: الاغتيالات باسم الدين، حرق الكتب وتكفير أصحابها، والصراعات الطائفية والتكفيرية والحملات المختلفة التي تشمل جوانب عديدة مثل منع الاختلاط، وتحريم الموسيقى وغيرها.. وذلك بدلا من تقديم واقتراح برامج فكرية أو سياسية متعلقة بإدارة شؤون الدولة.
إن مبدأ فصل الدين عن السياسة، هو الذي سارت عليه أغلب الدول العربية في البدايات الأولى للنهضة. بل إن قسما من رواد هذه الدعوة كانوا من المتدينين من زعماء ومصلحين مثل مصطفى النحاس والشيخ علي عبدالرازق والطاهر الحداد وغيرهم، وفي وقت لاحق ناضل عدد كبير من المفكرين العرب فكريا، في سبيل مدنية الدولة، من أمثال طه حسين ومحمد أركون ومحمد عابد الجابري ومحمد جابر الأنصاري وعبدالله العروي وغيرهم كثير، باعتباره السبيل الذي سارت عليه الأمم المتقدمة، وباعتبار أن النموذج الإسلامي نفسه قائم على غياب سلطة الكهنوت والمؤسسات الدينية الوسيطة. فالدين مجال المبادئ والثوابت، والسياسة مجال التحول والتغير والمصلحة. بما يعني عدم الحاجة إلى توحد المؤسسة الدينية مع المؤسسة السياسية في المجتمع الديمقراطي. إلا أن هذا التمايز الذي تسير عليه معظم الدول الديمقراطية، لا يعني التنكر للدين أو استبعاد دوره في سيرورة المجتمع وقيمه الروحية والأخلاقية. فالدين يبقى مرجعية (أخلاقية - إنسانية - وروحية) متجاوزا الرؤية النفعية السياسية المباشرة والمحدودة والمتغيرة. ويستتبع منظور مدنية الدولة عدم إقامة الأحزاب إلا على أسس مدنية، بحيث تكون ملتزمة باحترام الدستور والقانون المدنيين. “المقال كاملا في الموقع الإلكتروني”.
*كاتب وإعلامي بحريني

ولكن يمكنها أن تمثل أجنحة محافظة في المجتمع، تستلهم من القيم الدينية والروحية للمجتمع العديد من مبادئها. على أن تبقى محكومة بقواعد الدستور والقوانين، مع الالتزام بقيم واضحة غير مبهمة؛ منها الكرامة الإنسانية والعدالة والمساواة والمسؤولية الاجتماعية والمواطنة المتساوية والشفافية وغيرها.. وليس من بينها الدعوة لإقامة “دولة دينية”، أو أن تكون لها مراجع مقدسة من خارجها فوق القانون، بما يفقد الديمقراطية التمثيلية أي معنى.


كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .