من حق كل شخص أن يظن بأن أمه هي أعظم أم في الدنيا ولكن فليعذرني الجميع، أنا لا أظن أن أمي هي أعظم أم في الدنيا، بل أجزم وأقسم بأن أمي إن لم تكن أعظم أم في الدنيا فهي من أفضل وأعظم خمس أمهات في العالم!!
أمي صبرت، أعطت، علمت، سهرت، كافحت، ضحت، والقائمة تطول مما فعلته أمي العظيمة.
أمي صبرت، فهي تم تزويجها وهي طفلة لم تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها ولكن لم تنكسر ولم تيأس.
أمي فقدت طفلا بعمر الزهور، تألمت وحزنت ووصلت لمرحلة الاكتئاب في فترة من الزمن، ولكنها لم تقنط من رحمة الله ورجعت قوية لأجل باقي أبنائها.
أمي لم تكن متعلمة، ولكن أبناءها التسعة جميعهم متعلمون بفضلها.
أمي لم تستطع الحصول على وظيفة عامة، ولكن عملت في الخياطة لكي تكسونا بالثياب التي تخيطها وتطعمنا مما تحصل عليه من الخياطة، كما أنها عملت بتوصيل الطلبة إلى المدارس في فترة من الفترات، وكل ذلك لكي لا تمد يدها لأحد.
أمي تحب الجميع، أمي تدعو للجميع، أمي تضحك مع الجميع وتحزن لحزن الجميع، أمي لم تكره، لم تغتب، لم تتشك ولم تعتب أو تتذمر، أمي لم تقطع صلة رحم، لم تفرق بين أبنائها، لم تفضل أختا أو أخا على الآخر.
أمي كانت شديدة الإيمان، تدعو للجميع، تصلي من أجل الجميع، كانت أمي إذا دعت لمريض يمن الله عليه بالشفاء (لا يرد القضاء إلا الدعاء) كانت أمي مواظبة على قراءة القرآن الكريم، وكانت كثيرة الصلوات.
كانت أمي نقية، طاهرة، عفيفة ونظيفة من الداخل والخارج، كانت رائحة أمي دائما عطرة!!
كانت أمي تحب الحياة، تحب السفر، تحب الطلعات و (الكشتات) تحب البر والبحر، حلوة المعشر!!
كانت أمي تخشى من زعلنا، فكان والدي (حفظه الله) يطلق عليها (محامي الدفاع)، حيث كانت ترد عليه على أقل كلمة يوجهها لنا أو لأبنائنا، حتى وإن لم يقصد شيئا سيئا، فكان (حفظه الله) يقول: تكلم محامي الدفاع!!
كانت أمي طباخة ماهرة، كانت تحضر ثلاث وجبات في اليوم بلا ملل أو كلل، ولم تكن تستعين بعاملة لمساعدتها طوال حياتها!! كان الجميع ينتظر بلهفة اليوم الذي سيتذوق فيه (هريسة) أمي.
كانت أمي صبورة لأبعد الحدود، فقدت ابنا، فقدت أما، فقدت أخا، ترملت لها ابنتان، خيم عليها الحزن، أكثر شيء لحزن بناتها ولكنها كانت صابرة، مؤمنة وراضية بقضاء الله وقدره.
كانت أمي محسنة، معطاء، سخية ومحبة لعمل الخير.
اللهم لا اعتراض على أمر الله، ولكن موت أمي خسارة لكل من عرفها، اللهم ارحمها بواسع رحمتك، وأسكنها فسيح جناتك، واجعلها في عليين، وصبرنا على فراقها.

ريم الحلال