+A
A-

“تحت سماء دمشق”.. مسرحية في داخل فيلم عن العنفضد النساء

مثل المهرجانات الكبيرة السابقة، حظي الوثائقي تحت سماءدمشق ”من إخراج“ هبة خالد، طلال ديركي وعلي وجيهبحفاوة بالغة بعد عرضه في مهرجان مالمو للسينما العربية،وفيه تلاحظ المخرجة هبة خالد في التعليق الصوتي الإلهامالذي وجدته هي ونساء أخريات في صباح السالم التيقضت وقتا في السجن لدفاعها عن نفسها.

تحت سماء دمشق يدرس بشكل شاعري الطرق التي تواجهبها نساء سوريا القمع المستمر في الثقافة الأبوية،  ويراقبمجموعة من النساء يجدن القوة في قصة صباح،  إنه أمريعرفونه جيدا بشكل مؤلم.

 تروي هبة خالد قصة فنانات سوريات بما في ذلك فرحوإنانا وإليانا وممثلات وكاتبات مسرحيات أخريات تعاونلمشاركة تجاربهن الجماعية، ويقمن بإنتاج مسرحييسمونه ”المسرحية“، هي مهمة وجريئة وشجاعة لإعطاءمنصة لقصص النساء وتوفير صوت للناجيات من العنفالمنزلي، ولكن تواجه "المسرحية" حتما النقد والمقاومة،والآثار المتتالية.

تتميز "المسرحية" بعملية بحث دقيقة، إذا كانت مرهقةعاطفيا وعقليا، وتخلق النساء عملا مسرحيا غير روائيمستوحى من كراهية النساء والمضايقات والعنف الذي نجوامنه، وفي الوقت نفسه يحتاج كل فنان إلى مساحة لمعالجةما يسمعه،  وقصص من امرأة يتردد صداها في تجاربأخرى.  يشفي المشاركون صدمات الماضي من خلالالتحدث علانية،  ويخبرون الآخرين أنهم ليسوا وحدهم أثناءمواجهة هذا الحساب بأنفسهم،  ومن الصعب ولكن قويالمشاهدة.

يتخلل الشعور بالصدمة المستمرة كل إطار أيضا، كماتصف خالد القصة في التعليق الصوتي.  ومع ذلك، يتمإبعادها جسديا عن الإنتاج الذي توثقه، وتقوم بتصويرالقصة عن بعد من الدنمارك.  بعد أن فرت من سوريا ولمتتمكن من العودة بعد 8 سنوات، وأدركت أن إطلاق النار منالخارج هو السبيل الوحيد لرواية هذه القصة، عمليا أو آمنا.

تجتمع هبة مع المخرج طلال ديركي، الذي تعاونت معه فيالفيلم الوثائقي المرشح لجائزة الأوسكار  "عن الآباء والأبناء،ويقدمان منظورا دقيقا للقصة من بعيد.  وينضمون معا إلىالنساء اللواتي يصنعن" المسرحية "في تحقيق إنجاز نادروجريء: جعل النساء في سوريا يتحدثن علنا عن العنفالذي يضطهدنه والمجتمع الذي يمكنهن.

إن ضرورة التحدث علنا تصل إلى المنزل عندما تتعرضالنساء المشاركات في" المسرحية "للتحرش من جديد منداخل فريقهن.  في تطور يتوقف إنتاج المسرحية ويجلبالمخرجون النساء إلى لبنان.  يعيد الفريق التركيز على أرضآمنة ومحايدة.  وعلاوة على ذلك تنفتح النساء على ما حدثمع رجل في الفريق، ويرتجفن بينما يلاحظن الخطر فيالتحدث علنا عن رجل لديه مثل هذه المعرفة الوثيقةبمشروعهن.  يتوقف تصوير فيلم" تحت سماءدمشق "ويكاد يسقط، لكن ضرورة كلا المشروعين تتضاعف.

كما أن التطور الصارخ حول" المسرحية "يجلب القصة إلىتركيز أكثر حدة.  يلعب النصف الأول من الفيلم الوثائقيبشكل مفكك إلى حد ما حيث يتنقل المسرح التعاوني فيأفضل السبل لسرد قصتهم.  في تحول درامي قاسينشاهد بوضوح كيف يطبع الرجال السلوك الكاره للنساء،  حتى الحلفاء المعلنين يمكن أن يكونوا مفترسين.

يخبرنا الفيلم، أن الحلقة الأضعف في موجة النزوح التيسببتها الحرب هي النساء، اللاتي يبقين الكثير منهنوحيدات في الريف بعد أن فقدن أزواجهن وعائلاتهن، وإنهميبقون لتربية أطفالهم ومحاولة إعادة بناء عالمهم الذي مزقتهالحرب، لكن شجاعتهم وقوتهم لا يمكن أن تحميهم منوحشية الرجال وعنفهم وسوء معاملتهم.

يجد فيلم" تحت سماء دمشق صورة تقشعر لها الأبدانلمجتمع تعرض للانتهاك الجماعي أيضا، حيث تنجرفالكاميرا خارج جدران المسرح وبعيدا عن دائرة الشفاء فيالتعاونية الدرامية،  تلتقط طلقات الطائرات دون طيارشوارع دمشق التي صدمتها القذائف حيث توفر المبانيالمدمرة بقايا هياكل عظمية للمدينة،  والعنف معلق فيالهواء، لكن الأمل لا يزال قائما في الناس على الأرضالذين يضغطون من أجل التغيير.

نشاهد في الفيلم الجميل وجوه جميلة لنساء بعد الكثير منالآلام من زوج لا يعمل ولا ينفق، ويستولي على الأجرالضئيل الذي تحصل عليه واعتداء، وما تواجه المرأة فيسوريا من ظلم وقهر وتعنت وتحرش.