العدد 5673
الجمعة 26 أبريل 2024
banner
السعداوي كان يعطينا النصائح في كأس ذهبية
الجمعة 26 أبريل 2024

الحياة حلوة رغبنا أم اعترضنا، والجوع يحطم حيطانا من الأحجار.. عليك بقراءة “بريخت” الذي ينفرد بآرائه الخاصة في هذا الشأن.
هذه الجملة قالها لي الفنان عبدالله السعداوي رحمه الله خلال اتصالاتي معه لقبوله بأن يكون ضيفا في برنامج “في الظل” العام الماضي، وعندما تسمع أي كلام من السعداوي تأكد أنك ستدخل عالما فريدا بمنطقه الخاص، وقد تحتاج إلى عمق غير عادي في الإحساس والتركيز، ودرجة أعلى بكثير من مجرد الحذق والإلمام.
بعد مرور شهرين على وفاة السعداوي وربما بدافع متأصل في نفسي تجاه بريخت، دخلت عالمه مرة أخرى، وأعدت قراءته كشأن المغامرات الحافلة، ووجدت أنه يؤمن من الأساس بأن العالم جميل، وأن الحياة حلوة لابد أن نعيشها كما قال السعداوي، ولكن بروح ونفسية إنسان، ووفق مبادئ وقيم إنسانية حقة. آمن بريخت بالإنسان كقوة جبارة قادرة على التغيير وقادرة على خلق كل ما هو جميل وخير، أما الأرضية التي غرس قدميه فيها وآمن بها كمنطلق فلسفي جمالي فهي إيمانه بالمادية التاريخية والمادية الجدلية وعقيدته الراسخة بأن كل شيء في صيرورة وفناء، وكل شيء يتحرك ويتطور من الأوطأ إلى الأرقى، وأن أساس هذه الحركة التناقض، واعتماد هذه النظرة تشمل العالم المادي بما فيه الإنسان ذاته وتطوره عبر التاريخ، من هذه الزاوية كان ينظر للعالم الدوار المتحرك أبدا، وعبر هذه الفلسفة كون نظرته الجمالية بشكل عام.
هكذا كان التزامه المبدئي، وهذا ما دفعه لجعل مسرحه مسرحا سياسيا كرسه لخدمة الطبقات المسحوقة ورفض ما هو غير إنساني وخلق عالم جديد وفق منهج وقيم أعمق إنسانية.
رحم الله معلمنا وأستاذنا عبدالله السعداوي الذي كان يعطينا النصائح القيمة في كأس ذهبية دون أن نعلم إلا متأخرا.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية