العدد 5671
الأربعاء 24 أبريل 2024
banner
صلاتك.. شرط توظيفك!
الأربعاء 24 أبريل 2024

لا أعلم إذا كنت أستطيع أن أوصل رسالة واضحة وصريحة وصادقة من خلال مقالي اليوم! يؤسفني القول إن بعضا من الناس لا يأخذون المواضيع بالاحترافية والنوايا الحسنة المرادة، بل ينتهزون أية فرصة للصيد في الماء العكر! فصاحب المقال ليس هدفه إلا الإصلاح والتنبيه لأوجه القصور ولا يريد مزايدات من أحد.
فقد تلقيت عبر وسائل التواصل الاجتماعي من عدة مصادر عن أن هناك شخصا من إحدى الدول العربية يعمل في دولة خليجية. هذا الشخص (والعهدة على الراوي) يروي قصته قبل 35 عاما عندما تقدم مع غيره لوظيفة شاغرة لمدرسي مادة اللغة العربية، وذلك من خلال سفارة تلك الدولة الخليجية. يقول إنه وأثناء انتظارهم في القاعة رفع أذان الظهر، وقام رئيس اللجنة بإقامة الصلاة، فاتضح أن عددا من المتقدمين للوظيفة لم يشاركوا في الصلاة وجلسوا ينتظرون، والبعض الآخر أخذ يتصفح الجرائد. وتفاجأ الجميع بعد الانتهاء من الصلاة بدعوة رئيس اللجنة جميع من لم يصلوا خلفه لأن يغادروا القاعة، وطلب من الباقين الذهاب إلى السكرتارية لإتمام إجراءات التوظيف والتوقيع على عقود العمل واستلام تذاكر الطيران وبدون إجراء أية مقابلة. وفي هذه الأثناء وجه رئيس اللجنة كلامه للحضور قائلا “كيف لي أن آمن على التلاميذ والناشئة من مدرسين لا يحرصون على الصلاة”! ودافع عن قراره بقوة، معتقداً أنه القرار الأمثل. لاحظوا أن هذه الحادثة حصلت قبل 35 عاما! فتصوروا الآثار السلبية التي لحقت بسبب قرار شخص واحد كان يملك حق اتخاذ القرار بقطاع التعليم، بسبب آلية وإجراءات اختيار المدرسين من خلال المعيار الوحيد وهو الصلاة! هل يعقل أن يحصل ذلك، وإن كان قد حصل ذلك بالفعل، فبالله عليكم ماذا تتوقعون من مخرجات؟ من المؤسف جدا أن نربط الدين بجميع مناحي حياتنا وأعمالنا.

فما علاقة المتقدم للوظيفة بصلاته؟ أين هي مؤهلاته العلمية والعملية والتربويّة؟ ما هي معايير وشروط هذه الوظيفة التي هي للغة العربية، وحتى إن كانت لوظيفة مدرس تربية إسلامية، فدعونا نفرق بين التزام الشخص بدينه من جهة وعمله الوظيفي من جهة أخرى. فعدم التزام أي شخص بدينه هو شأن خاص ويكون بينه وبين ربه، ولا شأن لنا بذلك، دعونا لا نخلط الأمور ونزج الدين في هذه الأمور التي لا تخدم المصلحة العامة.
أنا على يقين بأن هذه التجربة في كيفية اختيار المدرسين لم تعد قائمة في هذا العصر، وإن كانت مازالت موجودة ومعتمدة كمعيار للتوظيف فالسلام على التعليم.
شخصيا، وخلال مسيرتي المهنية طلب مني مديري أن أقوم بتقديم طلب أحد العاملين الآسيويين على بقية الطلبات التي تنتظر دورها بسبب أن هذا الموظف يصلي مع المدير في الجامع. تصوروا هذه العقلية أو المنطق من هذا المدير هداه الله، وللأمانة عملت المستحيل ورفضت طلب المدير وحاولت أن أقنعه بأن ذلك ليس من العدل ولا يرضاه الله، حيث عليه الانتظار حتى يحين دوره، مؤكدا له أن ذلك يعتبر غير منصف في حق الآخرين، وبصراحة شعرت بكثير من راحة الضمير والنفس بسبب نجاحي في إقناع المدير. 
هذا مجرد مثال بسيط ونقطة في بحر للكثير من الممارسات الشائعة والخاطئة، لذا فإن تطبيق القواعد الخاصة بأخلاقيات العمل تعتبر ضرورة ملحة في أية مؤسسة ناجحة.


كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية