+A
A-

للقراءة: كيف تختار الصداقة والحب

قليلة هي الأشياء التي تعدنا بسعادة أعظم من علاقاتنا العاطفية - مع ذلك هي من أكثر الأشياء التي تصيبنا بالشقاء والإحباط. يكمن خطأنا في افتراض أننا ولدنا ونحن نعرف كيف نحب، وأن إدارة العلاقة يمكن بالتالي، أن تكون عملية حدسية وسهلة. هذا الكتاب يبدأ من منطلق مختلف بناء العلاقات مهارة تحتاج إلى تعلم. إنه يأخذنا بهدوء وبأسلوب جذاب لنتلمس القضايا الأساسية في العلاقات من الشجار إلى ممارسة الحب من التسامح إلى التواصل، مؤكدًا أن النجاح في الحب ينبغي ألا يترك للحظ بعد الآن.

مدرسة الحياة منظمة عالمية تعين الناس على عيش حياة أكثر إشباعاً. إننا نحاول تعزيز طبائع أعمق تفكرًا، وتساعد الجميع في العثور على حياة مشبعة راضية. مدرسة الحياة مورد لاستكشاف العلاقات ومعرفة الذات والعمل والعشرة الاجتماعية والعثور على الهدوء والاستمتاع بالثقافة من خلال ما توفره من محتوى وتواصل. يمكنكم أن تجدونا على الانترنت وفي المكتبات، وكذلك في أماكن مضيافة في أنحاء العالم تقدم دروسا ومناسبات وجلسات معالجة فردية.

ما بعد الرومانسية
إننا نشعر بأن الوقوع في الحب عملية شخصية وتلقائية، لذا قد يبدو الأمر غريبا - بل ومهينا حتى حين نقترح أن شيئًا آخر يمكن أن نسميه المجتمع أو الثقافة)، ربما يلعب دورًا خفيا وحاسما في إدارة علاقاتنا في أكثر لحظاتها حميمية.

مع ذلك، يُظهر لنا تاريخ البشرية العديد من وجهات النظر المتنوعة حول الحب والعديد من الافتراضات حول كيف يفترض بالزوجين التعايش معا، والعديد من الطرق لتأويل المشاعر، الأمر الذي ينبغي أن يجعلنا نتقبل بنفس راضية أن الطريقة التي نمضي بها في علاقتنا تدين عمليا، لا بد، بالكثير والكثير إلى البيئة المهيمنة التي تتجاوز غرف نومنا حبنا يترعرع على خلفية ثقافية تشكل إحساسنا بما هو «طبيعي» في الحب؛ وتوجهنا بمهارة إلى الموضع الذي ينبغي أن نصب عليه تركيزنا العاطفي، وتعلمنا ما ينبغي أن نقدره، وكيف نتعامل مع الخلافات، وما الذي ينبغي أن يثير حماستنا، ومتى نتسامح، وما الذي يمكن أن يثير فينا سخطا مشروعًا. الحب له تاريخ ونحن نبحر - أحيانًا بلا حول ولا قوة فوق تياراته.

منذ العام 1750 تقريبا، ونحن نعيش في حقبة شديدة التميز من تاريخ الحب يمكن أن نطلق عليها اسم الرومانسية». ظهرت الرومانسية» كأيديولوجيا في أوروبا في منتصف القرن الثامن عشر في عقول شعراء وفنانين وفلاسفة، والآن صارت تغزو العالم، وتحدد بقوة وإن في هدوء دائما) كيف سيتعامل ابن صاحب المتجر في يوكوهاما مع موعده الغرامي الأول، أو كيف سيرسم كاتب السيناريو في هوليوود نهاية فيلم ما، أو متى ستقرر امرأة في منتصف العمر في بوينس آيرس الاكتفاء بهذا القدر من علاقتها مع زوجها الموظف الحكومي بعد زواج استمر عشرين عاما.

ما من علاقة تتبع النموذج الرومانسي حرفيا، مع ذلك، كثيرا ما تكون خطوطه العريضة حاضرة بقوة، ويمكن تلخيصها كالتالي :

الرومانسية» شديدة التفاؤل بالزواج. تخبرنا بأن الزواج طويل الأجل يمكن أن يتمتع بكل ما في علاقة الحب من إثارة مشاعر الحب التي نألفها في بداية العلاقة يُفترض أن تهيمن على العمر بأكمله. أخذت الرومانسية» الزواج الذي كان يعتبر حتى وقتها اتحادا عمليا معتدلا عاطفيا)، وألصقته بقصة الحب المحموم، لتخلق أطروحة متفردة زواج الحب المحموم الذي يستمر طوال العمر.

وحدت الرومانسية»، خلال رحلتها، بين الحب والجنس. قبلها، ظن الناس أن بإمكانهم ممارسة الجنس مع شخصيات لا يحبونها، وأن بإمكانهم حب شخص ما من دون ممارسة جنس استثنائي معه. «الرومانسية» رفعت الجنس إلى مرتبة التعبير الأسمى عن الحب. وأصبح الجنس المتواتر، المرضي للطرفين، مؤشرا على صحة أي علاقة. هكذا، ومن دون أن تقصد بالضرورة جعلت الرومانسية من الجنس غير المتواتر والجنس
خارج العلاقة الزوجية فاجعة كبرى. افترضت «الرومانسية أن الحب الحقيقي يعني بالضرورة نهاية كل أشكال الوحدة. وعدتنا بأن الشريك الصحيح سوف يفهمنا بالكامل، وربما من دون حاجة إلى كلام. سوف يعرف أرواحنا بالحدس. (تُشدّد الرومانسية» خصوصًا على فكرة أن شريكنا قد يفهمنا من دون ......كلمات.

 آمنت الرومانسية» بأن المرء حين يختار شريكه، ينبغي أن يترك زمام قيادته للمشاعر، لا للاعتبارات العملية. على مدار معظم التاريخ المدوّن، ظل الناس يدخلون في علاقات وزيجات لأسباب براغماتية منطقية؛ لأن أرضها كانت متاخمة لأرضك، لأن أسرته كانت تمتلك تجارة غلال مزدهرة، لأن أباها كان قاضي البلدة، لأن ثمة قلعة كان ينبغي الحفاظ عليها، أو لأن آباء الطرفين كانوا يؤمنون بالتفسير نفسه لنص مقدس. ومن مثل تلك الزيجات العقلانية»، تدفقت الوحدة، والخيانة وقسوة القلب. بالنسبة للرومانسية»، لم يكن زواج العقل عقلانيا على الإطلاق، لذلك، لم يكن الزواج الذي قدمته بديلا - زواج الشعور بكثير حاجة إلى تبرير نفسه ما يهم أن الشخصين يريدانه بشوق ولهفة وينجذب كل منهما إلى الآخر بغريزة كاسحة، ويعرفان في قلبيهما أنه صحيح. لقد شهد العصر الحديث ما يكفي من الأسباب العقلانية»، تلك المحفزات على البؤس. ومن ثم اكتسبت الغريزة وجاهتها كردة فعل صدمية جمعية على قرون طويلة من زواج العقل» اللاعقلاني.

أظهرت الرومانسية» احتقارًا شديدًا للشؤون العملية والمال. اليوم، تحت تأثير «الرومانسية»، لا نحب لأمثال تلك العناصر أن تحتل موقع الصدارة حين نفكر في العلاقات، خصوصا في أيامها الأولى. يبدو ضربا من البرود - اللارومانسية» - أن تقول إنك تعرف أنك مع الشخص الصحيح لأنه شريك ممتاز من الناحية المالية، أو لأنكما متوافقان في أشياء، مثل آداب الحمام والالتزام بالمواعيد. إننا نشعر بأن الناس لا يلجأون إلى الاعتبارات العملية إلا عندما يفشل كل شيء آخر لم أستطع العثور على الحب، فكان علي الاكتفاء بالتوافق»)، أو لأنهم خبثاء (الاستغلالي، المتسلق اجتماعيا).