+A
A-

الراحل ميرزا علي جواهري.. حكاية أول مطبعة في البحرين عام 1913

لا غرابة في أن يستحضر من عرفه أو رافقه أو زاره في مكتبه أو منزله أو مزرعته، سواء من الشباب آنذاك أو الذين عاصروه ولا يزالون على قيد الحياة أطال الله أعمارهم، شخصيته التي كانت “فريدة” وتتسم بكاريزما وحضور، ليس في مجالات التجارة والأعمال فحسب، بل في حرصه على أن يكون مع الجميع في البحرين وخارجها، متمتعًا بعلاقات مع شخصيات وعلماء ورجال أعمال ومن مختلف شرائح المجتمع.


رجالات البحرين والخليج

ما الذي جعل سيرة الراحل ميرزا علي بن أحمد جواهري مميزة من كل النواحي؟،  يجيب نجله عميد عائلة جواهري “أحمد جواهري” بما لا يزال في سجله من ذكريات مع والده رحمه الله، فقد كان يرتبط بعلاقات صداقة وأخوة مع رجالات البحرين والخليج، ومن أبرزها علاقته مع المغفور لهم حكام البحرين الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، والشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة، والشيخ سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة، وسمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان بن حمد آل خليفة، بالإضافة إلى علاقاته المميزة والوطيدة مع الأعمام أصحاب السمو الشيخ مبارك بن حمد آل خليفة، والشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة طيب الله ثراهم، علاوة على اهتمامه بأن يساهم في تطور اقتصاد البحرين بما كان يمتلكه من رؤية وخبرة وجدارة في قطاع الأعمال، وأسس أول مطبعة على مستوى البحرين والخليج في العام 1913، علاوة على الكثير من الخبرات والعلاقات، وهذه المطبعة بيعت بعد فترة من الزمن بسبب ظروف الحرب العالمية الأولى آنذاك، ويضيف العميد جواهري: “كان أخي المرحوم عبدالحسين ميرزا علي جواهري المولود عام 1929 هو الساعد الأيمن للوالد.. رحمهما الله”.

 

أحمد جواهريصناعة الأختام للشيوخ
من المهم الإشارة إلى معلومة تاريخية، وهي أن الجد أحمد ميرزا جواهري رحمه الله جاء إلى البحرين في عام 1873 وبعد عامين، أي في العام 1875 كان أحد مؤسسي مأتم العجم الكبير، وهو من أشهر مآتم المنامة، وقد جمعته معرفة مع المغفور له الشيخ عيسى بن علي آل خليفة طيب الله ثراه، وكان يسافر إلى الهند ومصر لمتابعة أعمال التجارة، وكان يجهز للشيوخ الأختام للتواقيع ويتم صناعتها في الهند، إلا أنه تعلم صناعة الأختام، وأصبح يصنعها في البحرين لشيوخ العائلة الحاكمة الكريمة.
أتذكر حينما كنت طفلًا في الثامنة من العمر، كنت أرافق الوالد أيام الجمعة عصرًا لزيارة مجلس المغفور له الشيخ سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة، جد جلالة الملك المعظم، وكان الشيخ يسأله عن أخبار السوق وشؤون العمل، ويتبادلان المزاح والطرافة في جو أخوي كريم.

وثائق محفوظة
وتحتفظ العائلة ببعض الوثائق المهمة، غير أن العديد منها التهمته النيران عندما احترق متجر ومكتب ميرزا علي جواهري الكائن في بناية الهلال في الحريق الذي اشتعل في البناية عام 1973، ومن بين تلك الوثائق المحفوظة ما تيسر من صور، يشير إليها نجله أبو علي “أحمد جواهري” وهو صورة نادرة تجمع والده مع عدد من شخصيات ووجهاء المنامة ومن بينهم أسماء شهيرة راحلة كشيخ الدين مصباحي ومحمد طاهر آل شريف وعباس شيرازي وغيرهم رحمهم الله، فقد فتحت له أعماله وتواصله مع أبناء البحرين والخليج والعالم العربي مسار النجاح.
ومن الجميل القول إن الوالد بدأ انطلاقته في قطاع الساعات والعطور والأزياء للأطفال والنساء في مرحلة مهمة، كما من الطريف أنه أول من أحضر من مصر صبغة “الزهرة” التي تضفي على الملابس اللون الأزرق الفاتح.

مناقب وسيرة طيبة
في الحادي والثلاثين من شهر أغسطس من العام 1991، غادر ميرزا علي جواهري دنيانا، إلا أنه لم يغب عن قلوب محبيه ومن عرفه لمناقبه وسيرته الطيبة، وجهوده في خدمة مملكة البحرين وأهلها، وهي السيرة التي حملها الأنجال والأحفاد، عرفانا وحبا لأغلى الأوطان.