العدد 5678
الأربعاء 01 مايو 2024
banner
عن شكل الإنسانية في القرن الـ 21
الأربعاء 01 مايو 2024

هل من منعطفات أو منحنيات وربما ركائز بعينها تشكل ملامح الإنسانية في القرن الحادي والعشرين؟ خمسة أحجار زاوية يمكن أن تغير شكل الإنسانية في القرن الحادي والعشرين يتوقف معها الفيلسوف السويدي نيكولاس بوستروم، وينبغي علينا أن نفتح أذهاننا جيدا لمعرفة أبعادها وآفاقها وإلى أين تقودنا في المستقبل القريب والمتوسط قبل البعيد، ويمكن تناولها في اختصار غير مخل في النقاط التالية..
أولا: يبقى مجال التقنية الحيوية، الهندسة الوراثية، الخلايا الجذعية والاستنساخ، تطبيقات كفيلة بتغيير وجه العلم والعالم مرة واحدة، فالتقنية الحيوية هي تطبيق التقنيات والأساليب القائمة على العلوم البيولوجية، ويشمل ذلك شتى المشاريع المتنوعة كالتخمير، تصنيع الأنسولين البشري، الأنترفيرون، هرمون النمو البشري، التشخيص الطبي، استنساخ الخلايا، التعديل الوراثي للمحاصيل، التحويل البيولوجي للنفايات العضوية، واستخدام البكتيريا المعدلة وراثيا في تنظيف تسريبات النفط، وأكثر من ذلك بكثير. ثانيا :يأتي الحديث عن تقنية النانو تكنولوجي، وهي تقنية تصنيع مرتقبة ستجعل من الممكن بناء تراكيب معقدة ثلاثية الأبعاد وفق مواصفات ذرية باستخدام تفاعلات كيميائية موجهة عبر آلات غير بيولوجية. في التصنيع الجزئي، ستذهب كل ذرة إلى مكان مختار، للترابط مع ذرات أخرى بطريقة دقيقة محددة، وتتعهد تقنية النانو بإعطائنا تحكما كاملا في بنية المادة. ثالثا: أما الركيزة الثالثة التي يرى بوستروم أنها ستخلق عالما جديدا، تلك الموصولة بعالم الذكاء الفائق أو العقل فائق الذكاء، والذي يطلق عليه أحيانا الذكاء الخارق، وهو الذي يملك القدرة على التفوق بشكل جذري على أفضل العقول البشرية في كل مجالات الحياة، بما في ذلك الإبداع العلمي، الحكمة العامة، والمهارات الاجتماعية. رابعا: الواقع الافتراضي، وهو بيئة محاكية تدركها حواس الإنسان على أنها حقيقية، ويمكن صياغة العوالم الافتراضية على أساس الواقع المادي كما هو الحال في مثال مشاهد كرة القدم المتخيلة. 


سيقال إنك ستكون حاضرا عن بعد في هذا الحدث، كما يمكن أن تكون البيئات الافتراضية مصطنعة بالكامل أيضا، أما الاحتمال الآخر الذي يعرف بالواقع المعزز، فيعني أن يكون لديك إدراك لمحيطك المباشر، مكتس جزئيا بعناصر محاكية، على سبيل المثال فمن خلال ارتداء نظارات خاصة يمكنك جعل علامات الأسماء تظهر على رؤوس الضيوف في حفل عشاء، أو يمكنك اختيار إزاحة الإعلانات المزعجة من العرض الخاص بك.
خامسا: التحنيط بالتجميد، وهذا البعد قد يغير فعلا من شكل الإنسانية التي نعرفها، وهو إجراء طبي تجريبي يسعى إلى إنقاذ الأرواح عن طريق وضع الأشخاص الذين لا يمكن علاجهم بالعمليات الطبية الحالية ويعتبرون أمواتا من الناحية القانونية، في الخزن تحت حرارة منخفضة، على أمل أن يتمكن التقدم التفني من إحيائهم. لكي يعمل التحنيط بالتجميد اليوم، ليس من الضروري أن نتمكن من إعادة إحياء المرضى المحنطين بالتجميد، ولا يمكننا ذلك، كل ما نحتاجه هو أن نتمكن من الحفاظ على المرضى في حالة سليمة بما فيه الكفاية، بحيث أن بعض التقنيات الممكنة، التي يتم تطويرها في المستقبل، ستتمكن في يوم من الأيام من إصلاح تلف التجميد، وعكس السبب الأصلي لتوقف الحياة.
إلى أين تمضي البشرية في ضوء قراءات الفيلسوف نيكولاس بوستروم، ورؤاه المثيرة للتأمل تارة، وللخوف تارة أخرى؟
سؤال بحاجة إلى تفكير عميق بهدف تقديم رؤية شاملة عن مستقبل الإنسانية في القرن الحادي والعشرين، لاسيما أن التطورات على صعيد العلوم الاجتماعية باتت مرتبطة بنظائرها من العلوم الطبيعية.

كاتب مصري خبير في الشؤون الدولية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية