العدد 5657
الأربعاء 10 أبريل 2024
banner
كسوة فرح
الأربعاء 10 أبريل 2024


تلقيت مقطع فيديو في وسائل التواصل الاجتماعي عن مشروع يسمى "كسوة فرح" في الشقيقة المملكة العربية السعودية. وبصراحة شديدة أبهرني المشروع كثيرا ورفعت القبعة عاليا للقائمين على هذا المشروع الإنساني الراقي في كل معانيه، والذي يحثنا عليه ديننا الإسلامي الحنيف، معتبرا هذه المبادرة ترجمة رائعة وحقيقية للشراكة المجتمعية وتنم عن روح وطنية وإنسانية وحضارية متميزة.
وفور مشاهدتي المادة الإعلانية عن هذا المشروع الرائد أخذني الفضول وأخذت أبحث عنه في الإنترنت لتكون الصورة أكثر وضوحا. واتضح أن هذه المبادرة تابعة لجمعية سعودية غير ربحية تعمل تحت مظلة المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي. فهي تهدف إلى جمع الملابس والحقائب والأحذية والاكسسوارات والألعاب وغيرها وإعادة تجميعها وتدويرها بشكل راق لينتهي المطاف وكأنها جديدة. هذه الحملة السنوية تقام لمدة أسبوعين تبدأ من اليوم الأول من شهر رمضان، حيث يقومون بتلقي المساعدات بكميات كبيرة جدا وبعدها تقوم العائلات المتعففة بزيارة هذا المشروع الذي صمم بطريقة وكأنه متجر كبير وراق. ولكم أن تتخيلوا أعزائي القراء حجم تلك التبرعات التي تبلغ قيمتها ملايين الريالات السعودية. ما أعجبني في هذا المشروع هو تعاطف وتجاوب وتعاون الجميع من متبرعين ومتطوعين، ما عزز من هذا العمل الإنساني النبيل. جهود جبارة يقوم بها القائمون على هذا المشروع الذين يستحقون كل الشكر والتقدير وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم لضمان استدامته. لا أريد أن أدخل في تفاصيل هذه المبادرة، لكنني أراها تجربة رائدة وفريدة من نوعها وناجحة بكل المقاييس، بل رسالة لجميع الجمعيات الخيرية التي تقوم بذات الفكرة في البحرين بضرورة توحيد هذه الجهود الخيرة وبدعم حكومي يهدف لتعزيز هذا العمل الخيري بشكل مستدام.
القرآن الكريم يحتوي على الكثير من الآيات القرآنية التي تحث على رعاية الفقراء والمحتاجين، وتتضح لنا أهمية هذه الرعاية وأجرها العظيم في الإسلام. وفي سورة البقرة: "مَّثَل الَّذِينَ ينفِقونَ أَمْوَالَهمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كلِّ سنبلَةٍ مِّائَة حَبَّةٍ".
عندما يقول شخص ما، "حيث توجد الإرادة، توجد طريقة"، فهو يعني أنه إذا كان لديك تصميم قوي على القيام بشيء ما، فيمكنك العثور على طريقة والتغلب على أية عقبة تواجهك. والمقصود تشجيع الآخرين، أو نفسك، على الثقة في قوة الإرادة لتحقيق شيء قد يكون صعبًا أو مستحيلًا.
شاءت الصدف أن ألتقي في أحد المجالس الرمضانية شخصا أعرفه قديما، وقد تبادلنا الحديث عن إيجابيات التواصل والتكافل الاجتماعي وصلة الأرحام، وقد فوجئت بأنه اطلع على مقالي الذي نشرته مؤخراً عن هذا الموضوع، مبديا لي إعجابه بمحتوى المقال. ولا شك أن ذلك أسعدني كثيرا، ما سيجعلني أبذل المزيد لطرح مواضيع تهم المجتمع.
صاحبنا أوضح لي أنه يطبق كل ما ذكرته في مقالي فيما يخص موضوع صلة الأرحام والتواصل مع الأهل والتجمع العائلي بشكل أسبوعي، وفي الحقيقة هذا الأمر ليس جديدا، وشخصيا أعرف الكثير من العائلات البحرينية التي حافظت على هذا النهج الذي ورثناه من آبائنا وأجدادنا، لكن ما لفت نظري وأود أن أرفع له القبعة للجهد الكبير الذي يبذله في تنظيم هذه اللقاءات من خلال وضعه البرنامج والتنسيق مع أفراد العائلة على مدار العام في جدول زمني واضح ومنظم للجميع، إضافة إلى أنه قام بمبادرة جميلة غير معهودة وهي مساهمة كل فرد بمبلغ 10 دنانير شهريا وفتح حساب بنكي خاص بغرض توفيره لأي فرد من العائلة إذا دعت حاجته لأسباب مختلفة وعلى شكل قرض حسن وبدون فوائد! ناهيك عن تخصيص ميزانية أخرى لتعليم الأبناء أو الأحفاد بسبب ظروف عائلية صعبة قد يمر بها أولياء الأمور.
وبدون الخوض في تفاصيل هذه المبادرات، فإنني دهشت كثيرا، بل أعجبت بهذا العمل الجبار الذي ليس يسيرا ويحتاج إلى الكثير من الجهد والوقت والعمل الدؤوب.
لذا أكرر القول إنه متى ما وجدت الإرادة والعزيمة والنوايا الحسنة فإن الأهداف يسهل تحقيقها.
أنا على يقين بأن هناك الكثير من التجارب والممارسات والمبادرات الناجحة التي نحتاج إلى إبرازها والتعلم منها ولا ضير من نسخها.. ما رأيكم؟ وكل عام والجميع بألف خير.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .