العدد 5629
الأربعاء 13 مارس 2024
banner
صلة الأرحام
الأربعاء 13 مارس 2024

تعد صلة الرحم من أهم الأمور التي يجب على الفرد أن يوليها اهتماما في حياته، فالله تعالى ورسوله الكريم أوصيا بشدة بصلة الرحم، لما تحمله من فوائد للفرد والمجتمع، فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم"، وقال عز وجل "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، إن الله كان عليكم رقيبا".

لصلة الرحم منافع عديدة وهي واجب وفرض على كل إنسان، فلولا صلة الرحم لانقطعت العلاقات وفسدت المجتمعات والقلوب، لذلك يجب الحفاظ على صلة الأرحام ومراعاة الأقارب والعفو عنهم ومصافحتهم وزيارتهم، كما أن صلة الرحم تزيل الحقد والحسد من القلوب، وتزيد القرب بين الناس وتساعدهم على التعرف على بعضهم البعض أكثر، وتمنع الحقد والبغضاء والكراهية. وقد تلقيت خبرا عبر إحدى المنصات الإخبارية نقلا عن الديلي تلغراف البريطانية، أن مواطنا بريطانيا متقاعدا كان يعمل في صفوف الجيش البريطاني كان قد فارق الحياة وترك وصية لحفيداته مبلغا زهيدا جدا بقيمة 50 جنيها إسترلينيا! هذا البريطاني الذي كان يملك نصف مليون جنيه إسترليني رفض أن يورث حفيداته هذه الثروة بسبب إهمالهن وعدم زيارتهن له والاهتمام به! هذا الموقف الذي اتخذه هذا الرجل لم يأت من فراغ، بل من الواضح أنه كان يعاني من فقد الحب والحنان والاحترام من حفيداته. أحيانا وكردة فعل غاضبة يقوم الإنسان باتخاذ موقف فيه شيء من القسوة وعدم الإنصاف، لكن إذا تمعنا في أسبابه فإننا لا نلومه! لذا فثقافة احترام وبر الأبناء للوالدين هي الفاصل، إذ إنه من المؤسف أن نرى غياب هذه الصفات لدى الكثير من أبناء هذا الجيل.

قال تعالى "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما".

ولا شك أن هذا الموضوع متشعب، وقد يختلف البعض مع تصرف هذا الرجل وطريقة تعامله في هذا الموضوع، لكن ومن وجهة نظري الشخصية تعاطفت معه لسبب واحد ليس إلا وهو إيماني الكبير بأهمية التواصل مع الآخرين وخصوصا الأهل، إذ إن ذلك يقوي العلاقات بين أفراد العائلة، ففي ظل وجود التكنولوجيا الحديثة وتطبيقاتها المختلفة أصبح الناس يعيشون حياتهم بشكل مختلف تماما، والنتيجة أن التواصل يكون في شكل رسائل نصية فقط.

لكن ومن وجهة نظري المتواضعة أضع اللوم على أنفسنا إلى حد كبير ولا يجب وضعه على هذه الأجهزة الذكية التي اخترعت لخدمة البشرية لا لتدميرها، والدليل أننا نرى الكثير من العوائل البحرينية التي مازالت محافظة على عاداتنا وتقاليدنا وثقافتنا القديمة فيما يتعلق بتنظيم لقاء أسبوعي وبشكل دوري، وفيه يلتقي جميع أفراد العائلة الكريمة. ولا شك أن هذه العادة الجميلة لها آثار إيجابية جدا على جميع أفراد العائلة وتخلق روحا جميلة من الوئام والمحبة وبث روح التعاون والتفاهم، وكذلك تكون مرجعا مهما بالنسبة للأبناء من الجنسين، وتكون من الممارسات والعادات الجميلة التي ستتوارثها الأجيال المقبلة على مر التاريخ.

من المؤسف بل من المعيب أن الكثير من العائلات لا تلتقي إلا في العيدين أو في الأتراح، وهذا بالطبع لا يجوز البتة، ونتيجة لذلك أصبح الناس لا يعرفون بعضهم، وإن كانوا من نفس العائلة!

لذا ومن خلال هذا المنبر أدعو جميع من عزفوا عن هذه العادة الجميلة ضرورة الرجوع إليها والتأكيد على تنظيمها بشكل دوري ومستمر.

ختاما، وبمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك أرفع لكم أسمى آيات التهاني والتبريكات، داعياً المولى عز وجل أن يجعل هذا الشهر الفضيل شهر خير وبركة علينا جميعا. وكل عام والجميع بألف خير.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .