العدد 5622
الأربعاء 06 مارس 2024
banner
ثقافة وبس
الأربعاء 06 مارس 2024


الثقافة من المصطلحات المهمة في حياة جميع المجتمعات والأفراد، إذ لا يمكن بناء مجتمع دونها، ولا يمكن تغيير سلوك الأفراد وتعديل توجهاتهم إلا من خلالها، وفي تعريف الثقافة الكثير من الآراء ووجهات النظر، ومما هو شائع ومتداول في مفهوم الثقافة أنّها مجموعة من العلوم والمعارف والخبرات والمهارات التي يجب أن يتعلمها المرء ويتقنها، حتى أنّ الإنسان الذي يكون على اطلاع بمعارف شتى وعلوم متنوعة يُقال عنه موسوعي الثقافة، ولمزيد من الدقة يمكن القول إن مفهوم الثقافة في علم الاجتماع هو مجموعة من السلوكيات والمبادئ والمعتقدات التي يكونها كل فرد في شخصيته وتكون متوافقة مع الدين والبيئة الاجتماعية، وبذلك يكون مفهوم الثقافة مرتبطًا حسب رأي علم الاجتماع بالعادات المكتسبة التي يكتسبها الإنسان من المجتمع المحيط.
من الأمور المهمة في الثقافة أنّها تجعل الإنسان يلتزم بمنظومة من القواعد والسلوكيات والقوانين التي تصير عادات مع الأيام، ويشعر بالقلق والتوتر إذا خالفها أو حاد عنها، وذلك يعني أنها تبني في نفس الإنسان الوازع الداخلي الذي يجعله يقوّم سلوكه بنفسه، ويشعر بالضيق والحزن عند مخالفة هذه الثقافة، ويمكن القول إنّه نوع من الرقابة الداخلية، هذا أمر لا يمكن تعزيزه بسهولة في نفوس البشر. فقد حدثتي أحد الإخوة الأعزاء من المملكة العربية السعودية الشقيقة عن موقف حصل معه، حيث اعتبره جديرا بالاهتمام والوقوف عنده. يقول إنه اتصل في بأحد الأشخاص في جمهورية النمسا، لكنه لم يرد عليه! فعاود الاتصال به عدة مرات دون جدوى. وبعد حوالي أكثر من ساعتين قام بالرد على المكالمة، وعند الاستفسار عن سبب تأخره في الرد، بادر بالقول إن في النمسا تقليدا أو ثقافة عدم جلب الهاتف النقال أثناء الزيارات! وأوضح له بأنه عرف متبع، منوها بإيجابيات ذلك الكثيرة، مبينا أن وجود الهاتف النقال عند كل شخص في الزيارة سيؤدي حتما إلى تشتيت الانتباه وعدم التركيز أو الاستمتاع بالحديث مع الحضور الذي هو أصلا هدف اللقاء.
في الواقع أعجبتني الفكرة المطبقة هناك، وراودني سؤال يطرح نفسه، ما الذي يمنعنا من تطبيق هذه التجربة عندنا!؟
هي مجرد فكرة بسيطة جدا، وفي اعتقادي ليست صعبة أو مستحيلة، فنحن من نضع المعوقات والصعوبات أمامنا بدلا من وضع حلول لها!
دعونا نجرّبها ولا نخسر شيئا، بل حتى تسويقها وتشجيعها من قبل وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، فهناك الكثير من الممارسات الخاطئة التي يجب علينا التصدي لها وبحزم، وذلك من أجل منعها لتصبح عادة أو ممارسة سيئة. ولا ضير أن نقلد غيرنا بغض النظر عن دياناتهم وعرقهم، طالما كان التقليد في الممارسات الصحيحة، فالله سبحانه وتعالى لم يخلقنا كاملي الأوصاف، والشاطر الذي يقتدي بالصفات الرائعة من باقي الاشخاص ويترك السيئة منها.
هذه الممارسات الخاطئة يجب وقفها من قبل الوالدين أولا لنكون قدوة، ومن ثم نقلها إلى أبنائنا. نعم قد يقول البعض إن أبناءنا لا يمكن إقناعهم بذلك. وهذه هي مشكلتنا الرئيسة، إذ دائما نضع مبررات بدل الحلول. أحيانا تجد آذانا صاغية وأحيانا تجاهلا، لكن هذا لا يعني أننا لا نسعى أو نجتهد. وكما يقولون التكرار يعلم الشطار.
دعونا ومن خلال هذا المنبر نجرب تطبيق هذه الفكرة مع الأصدقاء ونرى بكل صدق إيجابياتها وسلبياتها، وأنا على يقين بأن إيجابياتها ستكون أكثر بكثير من سلبياتها.
في اعتقادي انها من العادات السيئة التي فرضت على الجميع بدون استثناء، فالمشكلة ليست عندنا فحسب، بل في كل أرجاء المعمورة. إنها ضريبة ندفعها بسبب التكنولوجيا الحديثة وكما يقولون لكل شيء ايجابيات وسلبيات.
على سبيل المثال وليس الحصر، وسائل التواصل الاجتماعي تعد من الأمور الرائعة جدا بالنسبة لنا جميعا، فهي وسيلة فعالة جدا لجعل حياتنا أكثر سهولة وراحة من خلال استخدام التطبيقات الذكية. وفي اعتقادي الشخصي استخدام الهواتف الذكية الأمثل هو مربط الفرس، فهي أداة رائعة لإنجاز الكثير من أعمالنا أينما نكون في الكرة الأرضية.
فالخلل في اعتقادي يكمن في سوء استخدامها او الادمان عليها بشكل كبير وفي أوقات خاطئة وفي أمور ليست مهمة البتة، فمثلا لا يجوز استخدام الهاتف المحمول اثناء القيادة، فهذا التصرف هو فيض من غيض عن تصرفات الكثير، خصوصا فئة الشباب من الجنسين، وأنا على يقين بأن الكثير من الحوادث البسيطة والمميتة حدثت بسبب استخدام الهاتف الجوال اثناء قيادة المركبات.
ختاما، أتمنى من الجميع من أفراد ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات المهنية والأهلية والمدارس الحكومية والخاصة وبالطبع العائلات التي عليها المسؤولية الأكبر التصدي لمثل هذه الظاهرة في المجتمع. أتمنى منهم بذل قصارى جهدهم للحد من هذه الممارسات الخاطئة التي لها سلبيات كبيرة على جميع افراد المجتمع.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية