العدد 5623
الخميس 07 مارس 2024
banner
انسحبت بهدوء من مركز الفاتح للعيون بالسلمانية
الخميس 07 مارس 2024

ناقش مجلس النواب في جلسته الأخيرة التقرير النهائي للجنة التحقيق البرلمانية بشأن الخدمات الطبية في مملكة البحرين، والمفاجأة التي تستحق التوقف قليلا أمامها، ما ذكره النائب محمد الأحمد في جزأين من مداخلته وهي: “أتمنى أن يكون هذا التقرير باكورة خطة عمل لتحسين وضع القطاع الصحي في مملكة البحرين، ويجب الالتفات إلى عدد من الأمور منها الضغط الكبير على الكادر الطبي، وزيادة الأخطاء الطبية خصوصا في عمليات العيون”.
الأخطاء الطبية في عمليات العيون.. جملة تتغلغل في الصميم وتحدث ضجيجا قويا وغير مألوف، وشخصيا اكتشفت جوانب عديدة من “اللامعقول” في مركز الفاتح للعيون بمستشفى السلمانية قبل فترة وجيزة، حينما قررت أن أذهب لإمكانية أخذ موعد لعملية إزالة الماء الأبيض من العين اليسرى بعد أن استفحلت الحالة وضعف البصر بسبب تقدمنا في العمر وألم الصحافة الذي يحطم أعصابنا ويجعلنا غير قادرين على التماسك، واتضح لي بعدها أنني كمن يحمل أثقالا فادحة. دخلت المركز وإذ بحشد من المرضى في “كونتر التسجيل” في الطابق الأرضي. انخرس الحوار بيني وبين نفسي وأخذ القلق يتجول بين حنايا صدري. دقائق معدودة وأرشدوني إلى الطابق الثاني أو الثالث لا أتذكر، مشيت ومشيت ووجدت نفسي أمام حشود أكبر من المرضى متناثرة في كل الاتجاهات. تلوت الرقية والتعاويذ الخرافية وتقدمت إلى “الكونتر الآخر” وأرشدوني الى غرفة الفحص. ووجدت في هذه الغرفة كل مشاهد الفوضى ونقاط الضعف التي لا يمكن أن نراها إلا بعد وقوع المصيبة. طريقة فحص بدائية بوضع نصف ورقة على العين وتقييم أسرع من الضوء، وبعدها تم توجيهي إلى طاولة في زحمة الممر ليس عليها أي موظف، وأعطوني رقما للدخول على طبيب قد أراه في حياتي المقبلة من كثرة المرضى.
بعد مشاهدتي كل هذا.. تعاملت مع نفسي برقة وعذوبة وإنسانية وانسحبت بهدوء من العيادة وخرجت وأنا على الأقل في يدي هدية جميلة وهي عيني بمائها الأبيض خير من فقدها إلى الأبد، سأتعايش مع الرؤية الضبابية وأدفع الطواحين عني.
كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .