العدد 5617
الجمعة 01 مارس 2024
banner
حوسبة الحافة: تحديات الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الرقمي
الجمعة 01 مارس 2024

“الحواف هي الأسهل في استهدافها من المركز”، حقيقة لا تتطلب خبيرا استراتيجيًّا لتوضيحها. الأمر ينطبق على أرض الواقع، كما ينسحب على الواقع الافتراضي، إذ باتت تقنيات حوسبة الحافة، التي تطبقها المؤسسات والدول، عرضة لتهديدات أمنية، وبات هناك خياران كلاهما مر: فإما أن نرتد بالشبكات لسيرتها الأولى، عبر المعالجة المركزية للبيانات، ومن ثم استمرار البطء الناتج عن الانتقال من الأطراف للمركز لمعالجة البيانات، ثم إعادتها للأطراف مجددا صالحة لاستخدام المستخدمين، وإما أن نتبنّى أحدث التقنيات الحوسبية بالمعالجة عند الأطراف، مع الاستعداد جيدا للتهديدات الأمن معلوماتية، التي استجدّت وتكثّفت مؤخرًا، نتاج التوترات الراهنة المصاحبة لتطورات الأوضاع في المنطقة.
في مقال الأسبوع الماضي، جرى توضيح مفهوم حوسبة الحافة، أي معالجة البيانات لا مركزيًّا، عبر حواسيب مجهّزة بكفاءة، تسهيلًا لسرعة تدفق البيانات، وهي أحد المفاهيم المستجدة في مساعي الدول والشركات لتقليل زمن وكلفة وسرعة الوصول لمراكز البيانات، حيث لم يعد ضروريًّا أن تتم معالجة البيانات في أجهزة بيانات مركزية، بل يمكن عمل ذلك بأجهزة على حافة الشبكات، تقليلًا للضغط على المركز، وخفضًا لوقت عبور البيانات.
ورغم أهمية التطور، إلا أنه ينطوي على مخاطر أمنية رقمية، في وقت باتت فيه الدول، ومنها البحرين، هدفًا لقراصنة رقميين، يعارضون مواقفها ومصالحها، ولا يتورّعون عن التعبير عن ذلك الاختلاف بالكلمة، بل يذهبون لمدى أبعد بمحاولة ضرب مراكز البيانات والمواقع الإلكترونية المهمة عن بعد بطرق القرصنة المعروفة.
 كما هو معروف بداهة، فتأمين حواسيب مركز واحد بالشبكة لمعالجة البيانات، أيسر من تأمين عدة حواسيب في أطراف وحواف الشبكة، الأخير يرفع من كلفة التأمين وأعبائه على منظومة التأمين.
لم تغفل حكومة المملكة بالتأكيد هذا التطور، وهي تضع الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الرقمي، التي جرى إطلاقها في أكتوبر الماضي، ولا سيما وأن الإعلان عن الاستراتيجية تزامن مع انفجار الأوضاع بالمنطقة.
 تتبنى الاستراتيجية مفهوم الأمن السيبراني وأمن المعلومات، باعتباره أحد أهم أركان الأمن الشامل والذي يشكّل الأولوية الرئيسة في حماية المصالح الحيوية والاستراتيجية، وشكّلت الجاهزية التقنية العالية، التي وصلت إليها الحكومة والتحول الرقمي الشامل بحزمة كبيرة من الخدمات والأنظمة المترابطة المقدمة من خلال عدة قنوات، دفعة هائلة للتخطيط نحو المستقبل والاستفادة من هذا النجاح على المستوى الوطني من خلال مشاركة كافة المؤسسات الوطنية في تنفيذها خلال السنوات الخمس القادمة، بحسب تصريحات لمسؤولين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية