العدد 5614
الثلاثاء 27 فبراير 2024
لعل بعض الكلام هنا محبط لكنه واقع
الثلاثاء 27 فبراير 2024

من الحقائق التي ينبغي أن يدركها المشاركون في المظاهرات - أيا كان نوعها وهدفها ومكانها - أن وضع أعلام إسرائيل وأميركا على الأرض والقيام بدوسها عمل لا قيمة له ولا تأثير، ولا يضر بإسرائيل ولا أميركا ولا يضايقهما تماما مثلما أنه لا يضرهما ولا يضيقان بحرق علميهما، ما تحققه هذه الأفعال لا يتجاوز المساعدة على تفريغ شحنة غضب كامنة في صدور المتظاهرين، وهي من حيل الضعيف غير القادر على القيام بفعل مؤثر، وهو أمر لا يختلف عن الإتيان بمجسم مصنوع من القطن لشخص تكرهه وأن تقوم بضربه والصراخ عليه وتوجيه الشتائم له.
ليس هذا الذي يحتاجه أهل فلسطين الذين يعانون اليوم كثيرا، ويواجهون عملية تهجير قسري يتم تنفيذها بدقة وستتحقق مهما تأخرت، فالغرب متوافق على فكرة أن الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة أمور لا تتحقق إلا بحل قضية فلسطين، وأن الحل لا يتحقق إلا بتهجير أهل غزة إلى مصر وتهجير أهل الضفة الغربية إلى الأردن ولبنان وغيرهما، وتصفية كل المنظمات والميليشيات التي تتسبب في إزعاج إسرائيل وأميركا والغرب. ليس هذا فحسب، إنما المظاهرات والمسيرات والتجمعات على اختلافها ليس لها أي تأثير في الذي يحدث في غزة والقضية الفلسطينية، يكفي مثالا على هذا المظاهرات المليونية التي تشهدها بريطانيا بين الحين والحين، وتشهدها دول أخرى عديدة، وتلك التي ينشغل بها أهل اليمن كل جمعة. كلها لم تحقق ولن تحقق مفيدا لأهل غزة والفلسطينيين ولن تؤدي إلى وقف إطلاق النار وعمليات القتل والتدمير. قد يقول قائل إن في هذا الحديث ما يحبط، نعم لكنه للأسف واقع لا يمكن إلا التسليم به. لا يمكن إحداث أي تغيير في الذي يجري على أرض الواقع في غزة بالخروج في مظاهرة أو رفع شعارات وحرق أعلام إسرائيل وأميركا وغيرهما ودوسها، فهذه كلها لا تغير من الواقع شيئا ويقتصر مفيدها على الجانب النفسي.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .